استطاعت إمارة أبوظبي أن تحقق طفرةً اقتصاديةً كبيرةً خلال السنوات العشر الماضية، محققةً قفزةً في حجم اقتصادها من نحو 186 مليار درهم في عام 2001 إلى نحو 806 مليارات في عام 2011، بما يشير إلى تضاعف حجم الناتج إلى ما يزيد على أربعة أضعاف مستواه قبل عشر سنوات، ما يعني أن الإمارة قد عاشت على مدار السنوات المذكورة نهضة اقتصادية حقيقية، وإن كانت هذه النهضة قد اعتمدت في البداية على دخل القطاع النفطي واستفادت كذلك من الارتفاعات المتتالية في أسعار النفط العالمية، فإن هذه النهضة على الجانب الآخر قد طالت مختلف جوانب الاقتصاد المحلي في الإمارة، وانعكست إيجابياً على باقي القطاعات، فأكسبتها زخماً مكنها من تأسيس هياكلها وبناها الأساسية حتى انتقل اقتصاد الإمارة كله من اقتصاد متوسط الحجم ومعتمد على عدد محدود من القطاعات في بداية العقد المذكور إلى اقتصاد كبير الحجم وذي قاعدة قطاعية وإنتاجية متنوعة وآخذة في الاتساع. وقد ترافق النمو الاقتصادي السريع والتوجه التدريجي نحو التنوع والتوازن في الهيكل الإنتاجي في الإمارة خلال العقد الماضي مع تحسن في مؤشرات الاستقرار المالي والنقدي، عبر تحسن مستويات السيولة وبالتالي تحسن الجدارة الائتمانية للحكومة المحلية في الإمارة، الأمر الذي ساعد على محافظة الإمارة على إنفاقها العام على المشروعات الكبرى ذات الأبعاد التنموية عند مستويات مرتفعة، وساعد على تحسين مستويات معيشة السكان على اختلاف فئاتهم أيضاً، فظهر ذلك في صورة تنامي في حجم إنفاق السكان. ولعل تزامن ارتفاع كل من الإنفاق الحكومي والإنفاق الاستهلاكي للسكان قد أوجد طلباً ديناميكياً قادراً على النمو بإطراد من فترة إلى أخرى، الأمر الذي أعطى دفعات قوية للسوق المحلي في الإمارة للتوسع، مولّدة فرصاً استثمارية متنوعة في العديد من المجالات والأنشطة، ففتحت الباب أمام المستثمرين المحليين والأجانب للتوسع في إنفاقهم الاستثماري، عبر التوسع في أنشطتهم ومشروعاتهم القائمة أو إقامة أنشطة ومشروعات جديدة. إن النمو الذي تمكن الاقتصاد المحلي لإمارة أبوظبي من إدراكه خلال العقد الماضي جاء أعلى كثيراً من المتوقع، إذ تم تقديره وفقاً للأسعار الجارية بنحو 29.9 في المئة سنوياً، وهو أيضاً نما أعلى كثيراً من معدلات النمو في الاقتصادات التي مرت بالظروف نفسها على مدار العقد، خاصة على مستوى المنطقة العربية. ولعل استمرار هذا النمو المرتفع بالرغم من الظروف السلبية التي أوجدتها "الأزمة المالية العالمية" خصوصاً خلال عام 2009، والتي ضغطت على جميع الاقتصادات حول العالم، يمثّل معياراً قاطعاً على القدرات الذاتية التي يتمتع بها اقتصاد الإمارة، وأنه رغم استفادته من الارتفاع الذي طرأ على أسعار النفط العالمية ومن ثم الإيرادات النفطية، فإنه قد تمكن رغم ذلك من أن يتوسع في الأنشطة والقطاعات غير النفطية، وعلى رأسها السياحة والطاقة المتجددة والصناعة والخدمات المالية والمصرفية، بما ولّد قوى دفع موازية تعاونت مع قوة الدفع المتولدة عن القطاع النفطي فضاعفت معدلات النمو، وجعلتها أعلى بكثير من المتوقع، ومتفوقة على معدلات النمو التي تم تحقيقها في الاقتصادات التي تعيش الظروف نفسها. كما أن هذه القوى المحركة استطاعت دعم الجدارة الائتمانية للاقتصاد، فأضافت إليه من السيولة ما يوازي حجم الإنفاق على المشروعات الكبرى أو يزيد عليه، ووضعته بين الاقتصادات الأعلى في الجدارة الائتمانية حول العالم. ــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.