موسكو لا تتحمل "فقدان سوريا"....وأفغانستان تحتاج مزيداً من المساعدات ما هي الاعتبارات التي تدفع موسكو نحو الحيلولة دون سقوط نظام الأسد؟ وإلى أي مدى يحتاج الأفغان إلى العون الدولي؟ وماذا عن أجواء الذكرى الأولى لانفصال جنوب السودان؟ ...تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. موسكو ودمشق "مالذي يوجه سياسة الكريملن تجاه سوريا؟"، تساؤل عنون به "روزلان بوخوف"، مقاله المنشور في "ذي موسكو تايمز" الروسية يوم الجمعة الماضي، الكاتب وهو مدير مركز "التحليلات الاستراتيجية والتقنية"، يرى أن الأزمة السورية أصبحت آخر اختبار للعلاقات بين روسيا والغرب. فدعم موسكو للرئيس السوري فاجأ الساسة والمراقبين الغربيين خاصة بعد موقف موسكو التوافقي تجاه التدخل الغربي في ليبيا مطلع عام 2011. المحللون الغربيون ووسائل الإعلام حاولوا إيجاد تفسيرات مقنعة للموقف الروسي تجاه الأزمة السورية، مفترضين أن الدافع الحقيقي لموسكو يكمن في الحفاظ على القاعدة البحرية في ميناء طرطوس السوري، والاستمرار في الحصول على مكاسب مادية جراء صفقات السلاح الروسي التي تشتريها دمشق، لكن هذه الأسباب ليست هي صاحبة الدور الفاعل في موقف روسيا... الكاتب أشار إلى سوريا بوصفها البلد العربي الوحيد بعد مصر- الخارجة عن مدار التعاون السوفييتي- أصبحت خلال منتصف سبعينيات القرن الماضي أكبر مستوردي السلاح من موسكو خارج نطاق ما كان يعرف بحلف "وارسو"، والنتيجة أن دمشق باتت قادرة على تدشين جيش قوي، معظم أسلحته تنتمي إلى الترسانة السوفييتية الحديثة. ووفق اتفاقية روسية- سورية أُبرمت عام 2005، طلبت دمشق أسلحة في عامي 2006 و2007 من شركة "روزوبورون إيكسبورت" تصل قيمتها إلى 4.5 مليار دولار، وتعد هذه الصفقة محور التعاون العسكري والتقني بين الجانبين... وبالنسبة لقاعدة طرطوس البحرية، يرى الكاتب أن دلالتها الرمزية بالنسبة للبحرية الروسية تفوق قدراتها العسكرية، فالقاعدة غير قادرة على نشر قوة عمليات بحرية روسية في البحر المتوسط، والسفن البحرية الروسية تتواصل مع ميناء طرطوس فقط لإثبات التضامن مع السوريين أكثر من التزود بالإمدادات، ما يعني أن فقدان الميناء لن يسفر عن تداعيات سلبية واضحة بالنسبة للبحرية الروسية... سياسة موسكو تجاه دمشق قائمة بالأساس على منطق مفاده منع سقوط نظام الأسد عبر التدخل الأجنبي، وهي سياسة تحظى بقبول واسع لدى الساسة الروس والرأي العام الروسي أيضاً، وفي هذا السياق يلعب الرئيس بوتين دوراً مألوفاً ألا وهو "حماية المصالح الروسية" ضد التدخل والتوسع الغربيين". ومن دوافع بوتين رغبته في تعزيز سلطته، لأن نظامه السلطوي يواجه حركة احتجاج متنامية تتلقى تأييداً من الغرب، فهو ينظر للأسد كحاكم يناضل ضد تدخل خارجي في شؤون بلاده الخارجية. العنصر الأكثر أهمية الذي يحرك سياسة موسكو تجاه الأزمة السورية، هو إيمان الكريملن بأن روسيا لا تتحمل "فقدان سوريا"، فانهيار نظام الأسد يعني فقدان روسيا لآخر حليف وزبون لها في الشرق الأوسط، حيث يتم النظر إلى سوريا كآخر رمز متبقي لمكانة موسكو كقوة عظمى. وحسب الكاتب، فإن آخر العوامل التي تحفز الكريملن على اتخاذ هذا الموقف تجاه الأزمة السورية، هو موقفه التقليدي المعارض للتدخل الغربي، وآخر مثال على ذلك هو موقف الغرب تجاه ليبيا، حيث تم استغلال قرار مجلس الأمن في تسليح المعارضة الليبية، وهو ما اعتبرته موسكو ازدواجاً في المعايير. ساعدوا الأفغان تحت عنوان "رسالة من أطفال أفغانستان البلد المكلوم بالحروب"، نشرت "جابان تايمز" اليابانية يوم السبت الماضي مقالاً لـ"هورونو شيبوا"، استبق خلاله مؤتمر المانحين الدوليين الذي انعقد في طوكيو يوم الأحد الماضي، بالمقولة التالية: عندما يجتمع قادة العالم في طوكيو لمناقشة المساهمات التي سيتم منحها لأفغانستان من أجل تنميتها، فإنهم سيواجهون معضلة تتمثل في الأزمة المالية العالمية التي ستجعل المانحين الدوليين يترددون في تقديم العون للدول الفقيرة، هذا الموقف يثير مشكلات جمة لبلد مثل أفغانستان. الكاتب، وهو المدير التنفيذي لمؤسسة "انقذوا الأطفال"، والمستشار السابق لمدير عام لـ"اليونيسيف"، يقول إن حاجة أفغانستان للدعم تظل مُلحة، فحياة الناس وصحتهم وتعليمهم وحمايتهم بما فيهم 15 مليون طفل تعتمد على قرارات مؤتمر طوكيو، فالمطلوب التزامات واضحة لمعالجة احتياجات الأفغان وإزالة مخاوف تتعلق بالأجيال القادمة. وحسب الكاتب يعاني مئات الآلاف من أطفال أفغانستان من سوء التغذية ونقصان الوزن، ما يحد من نموهم البدني والعقلي، علماً بأن المساعدات التي حصل عليها الأفغان خلال العام المالي 2010-2011 تصل إلى 100 في المئة من ناتجهم المحلي الإجمالي، ما يعني أن ثمة اعتماداً مكثفاً على المعونات، وهو اعتماد متواصل منذ قرابة عقد من الزمان، لكنه لم ينجز للأفغان الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم. ويشير الكاتب إلى أن حكومات أفغانية سابقة انفقت قرابة 4.1 مليار دولار سنوياً، على قوات الأمن، لكن حتى الآن لا توجد التزامات واضحة لسد فجوات التمويل الخاصة بتوفير خدمات أساسية للمجتمع الأفغاني. ومن دون مزيد من المساعدات ثمة خطر يتمثل في تبديد ما تم انجازه خلال السنوات العشر الماضية، وضياع مليارات الدولات كانت قد استثمرت في البلاد خلال العقد الماضي. ويؤكد الكاتب على أن الاستثمار في الخدمات الأساسية له تأثير واضح على حياة عامة الأفغان، وضمن هذا الإطار ينقل الكاتب مخاوفة من احتمال تراجع التمويل الموجه لخدمة أساسية كالرعاية الطبية، علماً بأن الكلفة السنوية للبنى التحتية إضافة إلى الإنفاق الحكومي بلغت 6 مليارات دولار. وتطرق الكاتب إلى الدعم المقدم من اليابان، حيث قدمت طوكيو لأفغانستان منذ عام 2001 ما قيمته 4 مليارات دولار، وقبل ثلاث سنوات تعهدت اليابان بمنح أفغانستان 5 مليارات أخرى خلال خمسة أعوام، وهي مبالغ تم توجيهها للأجهزة الأمنية وإعادة إدماج المقاتلين السابقين في المجتمع وتفعيل خطط التنمية. حرية بطعم الخوف يوم السبت الماضي، وتحت عنوان "حرية بطعم الخوف"، نشرت "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية، افتتاحية رأت خلالها أنه قبل عام تم الاحتفال بميلاد دولة جديدة، هي دولة جنوب السودان، الآن وإبان الاحتفال بمرور عام على ظهور هذه الدولة، يعاني كثير من مواطنيها، فعدد كبير منهم أصبحوا لاجئين، حتى في أستراليا. وعلى رغم تفاؤل البعض في جنوب السودان، فإن إحداث تغيير فيها ليس بالأمر السهل، فالأمر يتطلب اتفاق سلام شامل ومفاوضات لم تستقر بعد مع الخرطوم التي خاضت ضدها عقوداً من الحرب. كما أن تاريخاً طويلاً من غياب التنمية جعل جنوب السودان التي تمتد على مساحة تناهز مساحة فرنسا تفتقر إلى البنى التحتية، فليس لديها سوى 100 كيلو متر من الطرق المعبّدة، ناهيك عن ندرة المواد الغذائية، خاصة بعدما قررت حكومة جنوب السودان تعليق انتاج النفط جراء نزاعات مع الخرطوم... كما رصدت الوكالات المعنية بالإغاثة انتشار أمراض كالكوليرا، وزيادة في معدلات الوفيات... وما لم تتمكن جنوب السودان من حل مشكلاتها على نحو عاجل، فإن سكانها سيتضورون جوعاً، خاصة مع تراجع عوائد النفط. وتتساءل الصحيفة عن العائد الذي ستحصل عليه السودان، من وراء توفير أنبوب نفط لنقل صادرات جنوب السودان عبر البحر الأحمر؟ الثمن الذي حددته الخرطوم لا يزال مرتفعاً. وتقول الصحيفة: يتعين على الخرطوم إدراك أن الفشل في حل النزاع ستكون له تداعيات خطيرة، أو بالأحرى مدمرة، فأي من حكومتي البلدين "شمال السودان وجنوبه" بمقدورها تحويل النفط إلى ثروة دون الاعتماد على بعضهما البعض، وفي الوقت الذي تكافح فيه الأمم المتحدة لتقديم مساعدات غذائية لسكان جنوب السودان البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، ولن يتسنى للمنظمة النجاح في هذه المهمة دون التوصل إلى اتفاق بين جنوب السودان والخرطوم حول تصدير النفط، فبالأمن الاقتصادي وحده تستطيع جنوب السودان تحويل أحلامها التي وردت عشية الانفصال إلى حقيقة. إعداد: طه حسسب