قرأت مقال الدكتور عمّار علي حسن، والذي تحدث فيه عن "الشرعية الأخلاقية للسلطة السياسية"، محيلاً على بعض الاجتهادات الفقهية التي تدخل في باب الآداب السلطانية، كما أنتاجها كتاب وفقهاء من العصر الوسيط الإسلامي. لكني أعتقد أن إلحاق السياسة بالأخلاق، وإيجاد مرجعية أخرى، قيمية وخلقية، للسياسة، سيكون نوعاً من الرديف للمرجعية الدينية التي لم تستطع السياسة التخلص منها في الغرب إلا بتضحيات جسام وبعد معاناة طويلة ومكابدات بذلها مفكرون قدموا في ذلك السبيل أنصع الأفكار وأكثرها رسوخاً. ولا أظن أن مثل هذا التوجه ينسجم مع روح الحداثة السياسية، التي أطلق فلاسفة من أمثال ميكيافيلي ولوك، صيحتها الأولى معلنين الانفصال التام والنهائي بين السياسة وبين كل من الدين والأخلاق، أي أنه لا مرجعية للحقل السياسي من خارجه، ليبقى العقل والواقع والمصلحة وقواعد العمل السياسية نفسها، مرجعية الأفعال والمواقف في التصور السياسي الحديث. جمال خالد -أبوظبي