جاء أداء المجلس الوطني الاتحادي في دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الخامس عشر، والذي انتهت فعالياته الأسبوع الماضي، متميّزاً، سواء في تعبيره عن القضايا التي تشغل المواطنين، أو في مقترحاته البنّاءة التي قدّمها إلى الحكومة إزاء كثير من المشكلات، أو في تفاعله مع كثير من القضايا الخارجية من خلال الدبلوماسية البرلمانية التي نجحت في التعبير عن وجهة نظر الدولة في مختلف الفعاليات التي شاركت فيها خلال هذه الفترة. إن هذا الدور الفاعل والأداء المتميز يعبّران بوضوح عن التطور الذي شهده "المجلس الوطني الاتحادي" بعد انتخابات العام الماضي، والتي أتاحت دخول أعضاء جدد يمثلون مختلف شرائح المجتمع الإماراتي، وذلك بعد مضاعفة أعداد أعضاء الهيئات الانتخابية، وهو الأمر الذي كان له أكبر الأثر في إثراء التجربة البرلمانية، التي انعكست على أداء المجلس بصورة إيجابية على أكثر من مستوى، فعلى صعيد الدورين الرقابي والتشريعي، فقد ناقش العديد من مشروعات القوانين، والموضوعات العامة، كالمشكلات البيئية وسياسة الضمان الاجتماعي، كما وجه العديد من الأسئلة التي تعبر عن اهتمامات المواطنين وهمومهم في المجالات كافة إلى الحكومة، وحرص على تقديم المقترحات التي يمكن أن تسهم في علاج كثير من المشكلات القائمة. وكان ملفتاً للنظر في هذا الشأن أن أعضاء المجلس اعتمدوا في ممارسة هذا الدور على التواصل مع قطاعات المجتمع والمواطنين كافة والاستعانة بذوي الخبرة والاختصاص، ثم الزيارات الميدانية للوقوف على طبيعة هذه المشكلات على أرض الواقع، وهذا أمر إيجابي يؤكد مدى التطور الذي لحق بأداء المجلس، وتفاعله مع القضايا الداخلية. كما نجح المجلس الوطني الاتحادي، من خلال القضايا التي ناقشها والمقترحات الإيجابية التي قدمها بشأنها، في أن يكون خير داعم للحكومة، التي أثبتت هي الأخرى أنها حريصة على التعاون مع المجلس، وهذا تجسد بوضوح في الحضور الملحوظ للوزراء لجلسات المجلس، وردهم على تساؤلات الأعضاء كافة بشكل مفصل ودقيق. وإضافة إلى ما سبق، فإن الدبلوماسية البرلمانية الفاعلة للمجلس كانت ماثلة أمام الجميع، وقامت بدور متميز من خلال الشعبة البرلمانية، التي شاركت بفاعلية في العديد من الفعاليات البرلمانية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ونجحت في التعبير عن وجهة نظر الدولة إزاء مختلف القضايا. إن الأداء المتميز لـ"المجلس الوطني الاتحادي" يؤكد حدوث المزيد من النضج والتراكم في الحياة البرلمانية، وهو تطور يحسب أولاً لقيادتنا الرشيدة التي لا تألو جهداً في إنجاح هذه التجربة ودفعها قُدماً إلى الأمام، وبما يحقق مصلحة المجتمع، ويخدم قضاياه الرئيسة، من منطلق إيمانها الراسخ بدور المجلس الوطني الاتحادي في استراتيجية التنمية الشاملة. وثانياً، نتيجة للتغيرات الإيجابية الهيكلية التي طرأت على المجلس في الأعوام القليلة الماضية، سواء بالنسبة إلى آلية تشكيل أنظمته ولوائحه الداخلية وتطويرها أو في ما يتعلق بالسلطات الممنوحة له، أو في الآليات الجديدة التي تم استحداثها، وأسهمت في تطوير أدائه، كمشروع "البرلمان الإلكتروني" الذي يتيح معلومات وبيانات منظمة، ناهيك عن إنشاء قاعدة بيانات وطنية تخدم عملية رسم السياسات واتخاذ القرارات لأعضاء المجلس الوطني، وتفعيل مشاركتهم في المناقشات التي تجرى داخل المجلس، كل هذا لا شك في أنه كان له أكبر الأثر في الارتقاء بأداء المجلس، وتفعيل دوره على كافة المستويات. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية