آسيا باتت أكثر ثراء من أميركا الشمالية... وروسيا تستعد لأزمة مالية كيف أصبحت آسيا أكثر ثراء مقارنة بأميركا الشمالية؟ وإلى أي مدى طمأنت قمة بروكسل الأوروبيين على مستقبل عملتهم الموحدة؟ وهل نجت روسيا من الأزمة المالية؟... تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. آسيا الثرية في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان "آسيا أكثر ثراء من ذي قبل"، أشارت "جابان تايمز" اليابانية إلى أن مليونيرات آسيا قد تفوقوا على نظرائهم في أميركا الشمالية، وذلك حسب دراسة شارك في إعدادها "بنك كندا" ومؤسسة "كابجميني الاستشارية". الصحيفة تقول إن منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادي بها الآن 3.37 مليون شخص ممن يمتلكون أصولاً تتجاوز قيمتها مليون دولار. هذا العدد يتفوق على حائزي القيمة نفسها في أميركا الشمالية الذين وصل عددهم إلى 3.35 مليون نسمة، ناهيك عن عدد مليونيرات آسيا يزيد على نظيره الأوروبي وفق إحصائيات عام 2010. وبالنسبة للصين بمفردها، فقد وصل عدد مليونيراتها في عام 2011 إلى 562 ألف مليونير، لتحتل بذلك المرتبة الرابعة في قائمة البلدان التي تتمتع بعدد كبير من المليونيرات، بعد الولايات المتحدة واليابان وألمانيا. وفي غضون ذلك تراجع عدد المليونيرات في الهند وهونج كونج ، لكن أعدادهم في الصين واليابان وتايلاند وماليزيا وإندونيسيا تتزايد بصورة واضحة. الملفت- والكلام لا يزال للصحيفة- أن عدد المليونيرات في اليابان قد ازداد بنسبة 4.8 في المئة خلال 2011 وذلك رغم أزمة تسونامي التي ضربت البلاد في 11 مارس 2011، والسبب في ذلك يعود إلى الاستثمارات ومعدلات الادخار العالية. المفارقة تأتي من تقرير للبنك الدولي مفادها أن منطقة جنوب شرق آسيا البالغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة يعيش فيها نصف فقراء العالم، فقرابة 85 في المئة من السكان يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، كما أن 50 في المئة من سكان شرق آسيا البالغ عددهم نحو ملياري نسمة يعيشون على أقل من دولارين يومياً. وإذا كانت هذه الأرقام تعكس بعض التقدم مقارنة بما كانت عليه في الماضي، فإنها لا تزال بعيدة عن الأهداف المرجو تحقيقها. ففي تقرير لها صدر عن عام 2010، صنّفت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة 578 مليون نسمة من سكان آسيا والباسفيكي بأنهم إما يعانون من الجوع أو من سوء التغذية. وبمقارنة الأرقام الخاصة بأعداد المليونيرات بأرقام من يعانون من الفقر والجوع في آسيا، يتضح أن التفاوت بين الفقراء والأغنياء يزداد في القارة بمعدلات غير مسبوقة. مليونيرات آسيا عليهم الافتخار بما حققوه، خاصة أن ذلك يعكس توزيعاً مختلفاً للثروة في العالم مقارنة بما كانت عليه الأمور سابقاً، لكن ما يحتاج التغيير هو توزيع الثروات داخل الاقتصادات الآسيوية فهذا أمر في حاجة ماسة إلى التغيير. حلول قيد التشكل تحت عنوان "أزمة الديون الأوروبية تطال عاماً مالياً جديداً"، نشرت "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية، يوم أمس افتتاحية رأت خلالها أن ساسة العالم بدوا عاجزين عن اجتراح حلول للأزمات التي تواجههم، وفي الوقت الذي مُني به ساسة أستراليا بالفشل في إيجاد حل لطالبي اللجوء ممن يلقون حتفهم في البحر، التقى قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي، لإيجاد حلول لأزمة الديون الأوروبية التي دخلت الآن عامها الخامس. وحسب الصحيفة فإن عدم إقدام القادة الأوروبيين على فعل شيء تجاه هذه الأزمة، يثير مخاوف تتمثل في استمرار الأزمة عاماً مالياً جديداً، ما يهدد تجربة اليورو برمتها. وبحلول يوليو الجاري، وبقاء الاتحاد الأوروبي عبر عناية مركزة وعوامل مساعدة تضمن بقاءه على قيد الحياه، لا يزال أمام هؤلاء القادة فرصة كي يستعدوا لإجراء ما وصفته الصحيفة، بجراحات راديكالية مطلوبة للإبقاء على الاتحاد الأوروبي وضمان استمراره من خلال اتحاد نقدي أكثر قوة وبنك أوروبي للضمانات. قمة بروكسل طمأنت الأسواق خاصة تجاه تمويل البنوك المتعثرة، وتشير الصحيفة إلى أن أكبر تهديد لليورو يكمن في تكلفة الإقراض الحكومي في إسبانيا وإيطاليا. ورغم ذلك، فشلت قمة بروكسل في التصدي لتحديين كبيرين على المدى الطويل، وهما: المستوى أو الوتيرة المالية غير الملائمة لإنقاذ "اليورو"، فبعد مساعدة إسبانيا ثمة حاجة إلى 400 مليار يورو إضافية. التحدي الثاني، يتمثل في كون الاتحاد الأوروبي لا يزال بعيداً عن إنجاز اتحاد نقدي كامل، وسيطرة مركزية على الميزانيات بطريقة تضمن بقاء "اليورو". وترى الصحيفة أن قادة الاتحاد الأوروبي لم يقدموا إلا الكلام في مسألة الاتحاد النقدي المأمول، علماً بأن ألمانيا ترى في هذا الاتحاد شرطاً مُسبقاً لتحمل أية مسؤوليات داخل منطقة اليورو. الاستعداد للكارثة في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان "الاستعداد لمواجهة الأزمة، لكن بالطريقة الخطأ"، نشرت "فيدومسيتي" الروسية افتتاحية رأت من خلالها أن الميزانية التي اعتمدها الرئيس الروسي الأسبوع الماضي تتضمن حقائق من بينها أن الروس سيواجهون ثلاث سنوات صعبة على الأقل. الصحيفة نقلت عن بوتين قوله: "إننا في حاجة إلى نظام فعال لإدارة المخاطر، فلم يعد كافياً مجرد الاستجابة لأزمة تزداد تفاقماً، المطلوب أن نتعلم كيف نتنبأ ونمنع وقوع الأزمة، ومن ثم يتعين على الآليات والأدوات الحكومية الخاصة بمواجهة الأزمات أن تعمل قبل وقوع الأزمة". وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي ظهر خلالها أن الحكومة تستعد لمواجهة الأزمة مقدماً ومن دون تردد، فثمة خطة أولية تم إقرارها في اجتماع ترأسه ميدفيدف (رئيس الوزراء الروسي)، وتتضمن الخطة أربعة أجزاء: معايير للسياسة المالية، تشمل إعادة هيكلة النفقات في ظل احتياطيات نقدية قدرها 500 مليار دولار، ودعم البنوك، من خلال دعمها بالسيولة الكافية. وتعزيز القطاعات غير المالية، وتخفيف القيود المتعلقة بالضمانات الحكومية. وبالإضافة إلى ذلك، تستعد وزارة المالية الروسية، لتوفير احتياطيات تحسباً لوصول سعر برميل النفط إلى 60 دولاراً. لكن هل هذه الإجراءات كافية لبث الطمأنينة لدى الروس؟ الإجابة تكمن في العودة إلى حالة روسيا خلال السنوات الأربع الماضية، حيث سوق الأسهم لم ينهار لكنه توقف عن العمل، وجراء تراجع أسعار النفط وانخفاض حصيلة الصادرات الروسية، بدأت أزمة الديون في الظهور، ولاحت بوادرها لدى الشركات، لكن كيف خرجت روسيا من هذه الأزمة، الإجابة تتمثل في البنك المركزي، الذي أنقذ البنوك ووفر لها السيولة، واستطاعت الشركات التغلب على الديون بمساعدة الحكومة الروسية. ولمواجهة أزمة 2008-2009، أنفقت الحكومة الروسية ما بين 1.2 تريليون روبل تم إنفاق 440 ملياراً منها لدعم الشركات. وحسب الصحيفة، فإن الحكومة الروسية، كطرف اقتصادي، أصبحت الآن أكثر انكشافاً، وربما هذا هو الفرق بين الوضع الاقتصادي الآن والوضع قبل أربع سنوات. وخلال السنوات الماضية، أنفقت روسيا نسبة معتبرة من احتياطاتها النقدية. ومع ذلك، لدى البنك المركزي احتياطياته، لكنها ليست بالكمية التي توفر الأمان المطلوب. فخلال أزمة 2008 المالية كانت نسبة الاحتياطي النقدي في روسيا 8.5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي. الآن وصلت نسبة الاحتياطي إلى 3.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وبصورة استثنائية تم الاعتماد على أسعار النفط المرتفعة كمصدر لتمويل الميزانية. وتنوه الصحيفة إلى أن ميزانية بوتين لم تتضمن ما يمكن فعله لحماية الاقتصاد الروسي من المشكلات، فهي تفتقر إلى قائمة بالبنود التي يتعين تخفيض الإنفاق عليها أو تأجيل تمويلها حتى تحسن الظروف الاقتصادية. إعداد: طه حسيب