تفوق القطاع المصرفي
في تقرير حديث صادر عن "اتحاد المصارف العربية"، بالتعاون مع "صندوق النقد الدولي"، أوضحت البيانات أن القطاع المصرفي الإماراتي يحتل صدارة القطاعات المصرفية في منطقة الخليج العربية، وفقاً لمؤشر "قيمة الموجودات"، التي بلغت 456.3 مليار دولار في نهاية عام 2011، بما قُدر في ذلك الحين بنحو 31 في المئة من إجمالي قيمة موجودات القطاع المصرفي الخليجي العربي كله، والتي بلغت نحو 1.46 تريليون دولار في التاريخ نفسه.
ويمثل هذا الحجم الضخم لموجودات القطاع المصرفي الإماراتي مؤشراً ذا دلالة، ويعبر بوضوح عن تفوق هذا القطاع على مستوى منطقة الخليج العربية كلها، بل إنه يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن هذا القطاع يقوم بدور استثنائي، يتخطى مجرد الدور التقليدي للقطاع المصرفي، الذي يقدم خدماته إلى الاقتصاد الوطني للدولة المعنية فقط، إذ إن بلوغ حجم الموجودات الخاصة بهذا القطاع نحو 136 في المئة من إجمالي حجم الناتج المحلي الإجمالي الوطني، يشير إلى أن هذا القطاع يتخطى في أهميته ودوره حدود الاقتصاد الوطني، ويمتد بخدماته إلى الخارج ليؤدي دوراً إقليمياً يصل إلى أسواق الخدمات المالية والمصرفية لدى معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل يمتد إلى مناطق وأقاليم أخرى في العالم.
إن هذا الامتداد الجغرافي الواسع للخدمات المالية والمصرفية التي يقدمها القطاع المصرفي الإماراتي، على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، يعبر عن نجاح الدولة، ليس في تأسيس قطاع مصرفي وطني قادر على أداء دوره بكفاءة على المستوى المحلي فقط، بل إن ذلك يعد مؤشراً إلى أنها تمكنت أيضاً من إدراك هدفها القاضي بتأسيس قطاع مصرفي ومالي ذي قدرات تنافسية عالية، ساعدته على اختراق الأسواق الإقليمية والعالمية، وتقديم خدماته فيها لزيادة حصته السوقية العالمية، وربط الأسواق المالية والمصرفية المحلية بالأسواق الخارجية، كخطوة مساعدة للدولة على إدراك غايتها الأساسية، المتعلقة بجعل نفسها مركزاً مالياً عالمياً مميزاً، ونقطة التقاء مهمة على شبكات الخدمات المصرفية والمالية العالمية.
ومما يشير إلى النجاح الاستثنائي الذي تمكنت الإمارات من إدراكه في هذا الشأن، أن صحيفة "فايننشال تايمز" شبهت، في تقرير حديث لها، دولة الإمارات بسويسرا، التي تعد المركز المالي العالمي الأكثر تميزاً، وقد وصفت هذه الصحيفة الإمارات بسويسرا الشرق الأوسط، وهي شهادة دولية تؤكد المكانة التي تحتلها الدولة على خريطة النظام المالي العالمي، وأنها أصبحت نقطة مضيئة وجاذبة بالنسبة إلى المتعاملين في الأوساط المالية العالمية، والمستثمرين الراغبين في نقل أموالهم وتحويلها عبر الحدود الدولية، سواء داخل المنطقة الخليجية أو العربية أو العالم.
ويعد النجاح المصرفي الإماراتي أحد أوجه النجاح العديدة التي سعت الدولة إلى إدراكها على مدار العقود الماضية، وأحد المكونات الرئيسية بالنسبة للطموح الاقتصادي والتنموي الشامل الذي تبتغي الدولة التوصل إليه، والذي لن يمكنها تحقيقه من دون أن يكون لديها قطاع مصرفي ومالي متطور وتنافسي وقادر على الاضطلاع بدوره الرئيسي كممول رئيسي وحلقة وصل بين القطاعات الاقتصادية الوطنية وبعضها بعضاً، لتحقيق التوزيع والاستثمار الأمثل للموارد المالية الوطنية، وربط الاقتصاد الوطني بالاقتصاد العالمي، وتمكينه من لعب دوره كمركز مالي عالمي مهم.
_____________
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.