انتهت مساء أمس الخميس عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية المصرية، ومن المتوقع أن تعلن مساء اليوم الجمعة المؤشرات الدالة على المرشح الفائز أو المرشحين اللذين سيعيدان في الجولة الثانية. أعتقد أن الرسالة التي يجب أن نوصلها إلى الرئيس المصري الجديد من الآن، يجب أن تتركز على المهام الداخلية والخارجية التي نتوقعها منه. أولى هذه المهام هي استعادة الأمن، فلقد تجاوزت الشكوى عمليات قطع الطرق والسطو على البنوك إلى مخاوف من عمليات تهريب الأسلحة الثقيلة من الحدود الليبية. صحيح أن قوات الأمن تعلن عن نجاحات في ضبط كميات من هذه الأسلحة، وصحيح أن اتجاه هذه الكميات عادة ما يكون غزة، إلا أن هناك من يخشون أن تتراكم مثل هذه الأسلحة داخل مصر لتغري بعض القوى الطائفية والسياسية بتشكيل ميليشيات مسلحة لفرض إرادتها على سائر الأطراف. إن إرساء الأمن في مصر، وإعمال سيادة القانون، يضاهي في تقديري، مهمة الحفاظ على تماسك البلاد ووحدة خريطتها السياسية وقطع الطريق نهائياً على احتمالات احتكام البعض إلى السلاح في حالات الخلاف. المهمة الثانية هي المتعلقة بتعافي الاقتصاد الوطني وإرساء حالة الطمأنينة التي تشجع المستثمرين العرب والأجانب على ضخ أموالهم في شرايين الاقتصاد المصري، وهو أمر يستوجب منظومة من القوانين المؤمّنة للاستثمارات وحزمة من الإجراءات المشجعة والمحفزة. المهمة الثالثة تتصل بطرح مشروعات وطنية عملاقة مثل خلق منطقة استثمارية كبرى على ضفتي قناة السويس، أو البدء في مشروع ممر التنمية الذي طرحه العالم فاروق الباز لإخراج الكثافة السكانية المصرية من وادي النيل إلى الصحراء الغربية وإطلاق مشروع تعمير سيناء لتحقيق نفس الهدف. المهمة الرابعة تتمثل في تحرير قاطرة النهضة العلمية من القيود التي تكبلها، وأعني الجامعات الحكومية التي تضم الغالبية الساحقة من طلاب مصر الجامعيين بكافة طبقاتهم وخيرة الأساتذة والعقول القادرة على نقل الخبرات التعليمية والابتكار العلمي. إن هذه الجامعات التي وفّرت لمصر القاعدة البشرية والعلمية اللازمة لخوض معركة أكتوبر الظافرة عام 1973، عندما أمدت الجيش بخريجيها وخبرات أساتذتها في كافة المجالات، تحتاج اليوم إلى قانون يكفل لها الاستقلال الأكاديمي والمالي ويوفر لها التمويل الكافي من خزانة الدولة لتفريغ أساتذتها للعمل الجامعي وتحديث وتوسيع مرافقها ومنشآتها لتتسع للأعداد المتزايدة من الطلاب، لتنتج خريجاً قادراً على المنافسة في الأسواق المحلية والعربية والدولية، كما تنتج ابتكارات واختراعات قابلة للتحول إلى سلع تضيف إلى الحياة الإنسانية. المهمة الخامسة تتمثل في إعادة بناء نظام التعليم العام ليكون أكثر كفاءة وقدرة على إنتاج عقليات قادرة على التفكير العلمي والنقدي. أما المهمة السادسة فهي بناء شبكة علاقات مصرية عربية متينة قائمة على النسيج الأخوي التاريخي، مضافاً إليه منظومة مصالح استراتيجية مشتركة تحقق الأمن العربي الواحد بمفهومه الشامل. والمطلوب هنا رؤية للأمن القومي العربي في مواجهة المخاطر والتهديدات الخارجية، ورؤية للأمن العربي القائم على توفير عناصر الاستقرار الداخلي سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية. إنني أرسل رسالتي هذه للرئيس المصري الجديد قبل أن نعرف من هو، فالمهام المطلوبة واحدة أياً كان هذا الرئيس.