لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، أصبحت أغلبية أطفال البلاد تنتمي إلى مجموعات سكانية تمثل أقليات، وفق أرقام إحصاء جديد يؤشر إلى فجر عهد جديد لم يعد فيه البيض في الأغلبية. ذلك أن التقديرات السكانية تُظهر أن 50?4 في المئة من الأطفال الذين كانت تقل أعمارهم عن سنة واحدة العام الماضي كانوا من اللاتين أو السود أو الأميركيين الآسيويين أو أي واحدة من الأقليات الأخرى، وذلك يعادل تقريباً نقطة مئوية أعلى من الـ 49?5 في المئة من أطفال الأقليات الذين تم إحصاؤهم عندما نُظم الاستفتاء الوطني العام الذي يجرى كل عشر سنوات في أبريل 2010. ويقول محللو مكتب الإحصاء إن نقطة التحول حدثت بعد ذلك بثلاثة أشهر، في شهر يوليو. أحدث التقديرات، التي تقيس التغيرات منذ آخر إحصاء، تعكس موجة هجرة بدأت قبل أربعة عقود، حيث ازداد تحول التركيبة العرقية والإثنية للبلاد قوةً بموازاة مع تقدم السكان البيض في السن بشكل جماعي، ولاسيما بالمقارنة مع اللاتين. ويتوقع الإحصاء أن يصبح البيض من غير اللاتين أقليةً في الولايات المتحدة بحلول 2042، كما يعتبر علماء الاجتماع الوضع الحالي بين الأطفال مؤشراً على التغير. وفي هذا الإطار، يقول "آندرو تشيرلن"، عالم الاجتماع بجامعة جونزهوبكنز المتخصص في قضايا الأسرة: "إنها لحظة مفصلية... لأنها تُظهر لنا إلى أي حد أصبحنا مجتمعاً متعدد الثقافات". وعلى رغم أن الأقليات تشكل نحو 37 في المئة من سكان الولايات المتحدة، فإن مقاطعة كولومبيا- حيث توجد العاصمة واشنطن - وأربع ولايات هي ولايات حيث أغلبيات السكان تمثل أقليات في بقية البلاد- كاليفورنيا، وهاواي، ونيوميكسيكو، وتكساس. وتعد منطقة واشنطن، حيث يمثل البيض أقلية، متقدمة بهذا الشأن عن غيرها. فبين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، هناك عدد أكبر من الأقليات مقارنة مع البيض في كل مقاطعة تقريبا ماعدا آرلينجتون ولودون. أما على صعيد الولايات، فإن فرجينيا بالكاد لديها عدد أكبر من الأطفال البيض الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة مقارنة مع الأقليات، ولكنهم على وشك السقوط تحت النصف. ومن أكبر العوامل المساهمة في التغير الديمغرافي هناك السن. ذلك أن البيض هم المجموعة الأكثر تقدماً في السن، حيث يبلغ متوسط أعمارهم أكثر من 42 عاماً، ولذلك، فإن الكثير منهم تجاوزوا أوج سنوات الإنجاب. وبالمقابل، فإن متوسط عمر اللاتين هو أقل من 28 عاماً، هذا في حين يبلغ متوسط أعمار السود والآسيويين أوائل الثلاثينيات. وبينما تراجع عدد النساء البيض اللواتي هن في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهن خلال العقد الماضي، فإن عدد الأطفال البيض انخفض في معظم الولايات، كما يقول "كينيث جونسون"، عالم الاجتماع بجامعة نيوهامبشر. ويقول "جونسون" في هذا الإطار: "إن السكان يتغيرون بالمعنى الحرفي أمامنا، حيث يحل الأصغر سناً محل الأكبر سناً"، مضيفاً "هذه أول نقطة تحول، والأطفال يوجدون في مقدمة التغير القادم". الأماكن التي تقدم خدمات للأمهات والأطفال اللاتين تعرف حالياً أعداداً كبيرة في الأطفال. وعلى سبيل المثال، فقد فتح مركز "ماري"، الذي بدأ في حي "آدامس مورجان" متعدد الثقافات بواشنطن في 1988 من أجل توفير الرعاية الصحية خلال مرحلة ما قبل الولادة للنساء المهاجرات، مركزه الخامس يوم الأربعاء في أديلفي. وتقول ماريا جوميز، مؤسسة المركز: "الأشخاص الذين يهاجرون هم الأشخاص الشباب والأصحاء"، مضيفة "أنهم يتمتعون بالخصوبة .. وتلك هي دورة الحياة". العشرات من النساء الحوامل أو اللواتي يدفعن عربات الأطفال تقاطرن على مركز ماري في شارع جورجيا يوم الأربعاء من أجل رؤية الطبيب أو المساعدات الاجتماعية. وقد استمع أربعة عشر طفلاً صغيراً إلى قصص باللغتين الإنجليزية والإسبانية بينما كانت أمهاتهم تتعلمن اللغة الإنجليزية في أقسام خاصة بالكبار. وتقول مايرا جاسينتو، المولودة في جواتيمالا والتي وصلت قبل موعد الطبيب بساعتين، حاملة ابنتها إيفون التي تبلغ خمسة أشهر: "هناك الكثير من الأطفال الآن، والكثير منهم من اللاتين". ولكن على المدى القصير، من غير الواضح ماذا إذا كانت طفرة الأطفال ستستمر. ذلك أن الهجرة من المكسيك، البلد الأصلي للأغلبية الساحقة من المهاجرين اللاتين في الولايات المتحدة، تباطأت قبل أن تتوقف تقريباً، وقد تكون بدأت تتحرك في الاتجاه المعاكس. وفي هذا الإطار، يقول "ويليام فري"، المتخصص في دراسة السكان بمؤسسة بروكينجز، إن التباطؤ في الهجرة قد يؤخر تحول البلاد إلى مجتمع تتحول فيه الأقليات الحالية إلى أغلبيات من 2042 إلى 2050 أو ما بعدها، ولكنه لن يوقفها إذ يقول: "في النهاية، عندما يسترجع الاقتصاد عافيته، سنشهد قدوم مزيد من المهاجرين، ربما ليس من المكسيك ولكن من مناطق أخرى من العالم". وبدون الكثير من المهاجرين الشباب، يضيف فري، فإن الولايات المتحدة ستصبح مثل اليابان، التي تعرف حالياً حصة غير متناسبة من المواطنين المتقدمين في السن، ويقول: "لقد بدأنا منذ بعض الوقت نرى تراجعاً في عدد السكان الشباب في مناطق كبيرة من البلاد"، مضيفاً "بدون المهاجرين، سنكون بلداً بدون شباب. لقد جعلناهم يأتون إلينا - مهاجرون شباب قادرون على إنجاب الأطفال - في وقت نحن في أمس الحاجة إليهم حقاً". كارول موريلو وتِد ملنيك محررا الشؤون الخارجية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"