في تقرير حديث صادر عن "صندوق النقد الدولي" توقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد الوطني تدريجيّاً خلال السنوات الخمس المقبلة، ليصل معدل نموه الحقيقي إلى نحو 3,7% في نهاية الفترة، مقارنة بمعدل نمو حقيقي خلال الفترة الحالية يقدّر بنحو 2,3%، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هذا النمو الحقيقي تم تخليصه من أثر التضخم، ويعدّ هذا المعدل الحقيقي مرتفعاً في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المحيطة، التي ما زالت تلقي بظلالها على فرص النمو الاقتصادي في جميع دول العالم من دون استثناء، وإلى جانب ذلك فإن ارتفاع معدل النمو الحقيقي بهذا الشكل من عام إلى آخر يعبّر عن كون الاقتصاد الوطني يسير في الاتجاه الصاعد على منحنى الأداء، وأنه يتجه نحو التعافي المطلق من آثار الأزمة. إن النمو المتوقع أن يدركه الاقتصاد الوطني خلال السنوات المقبلة سيعتمد بشكل كبير على القطاعات غير النفطية، وعلى رأسها قطاعات التجارة والسياحة والتصنيع والخدمات اللوجيستية، وإن كان جزء منها يعود إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية وبالتالي ارتفاع الإيرادات النفطية للدولة، إلا أن الآثار الإيجابية لنمو القطاعات غير النفطية هي التي ستكون لها الغلبة، لتصبح هي المحرك الأساسي للنمو الحقيقي الكلي، وتوضح البيانات الصادرة عن الصندوق هذا المعنى، ففي الوقت الذي يتوقع فيه أن يرتفع نمو الناتج المحلي للقطاع النفطي في الدولة إلى نحو 1,9% في نهاية الفترة، فإن النمو الحقيقي في القطاعات غير النفطية من المحتمل أن يرتفع إلى نحو 4,5%، أي أنه يزيد على أربعة أضعاف نمو القطاع النفطي. ولم تقتصر الصورة الإيجابية للاقتصاد الوطني، التي عبّر عنها التقرير الأخير لـ"صندوق النقد الدولي"، على حدود النمو الحقيقي، بل إنه تطرّق إلى معدلات التضخم التي توقع أن تظل في حدود مطمئنة إلى حد بعيد، حيث إنه رجح ألا تزيد هذه المعدلات على 2,1% بنهاية السنوات الخمس المذكورة، أي حتى عام 2017، وبالتالي فإن هذه المعدلات لن تمثل أي مشكلة بالنسبة إلى الاقتصاد، ولن تكون لها أي تأثيرات سلبية في المتغيّرات الاقتصادية الأخرى، خاصة في ما يتعلق بدخول الأفراد وبالتالي مستواهم المعيشي، بل إن النمو الحقيقي الذي سبق ذكره وبتلك المعدلات المرتفعة نسبيّاً، من شأنه أن يرفع من مستويات دخول الأفراد وبالتالي مستوى المعيشة بشكل عام على مستوى الدولة كلها، ليولد فرصاً جديدة للتوسّع في الأنشطة في مختلف القطاعات الاقتصادية، وبالتالي يولد المزيد من الفرص الاستثمارية، التي ترفع من السقف المتاح للنمو الاقتصادي على المستوى الكلي، ويفتح آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد الوطني للدخول في مرحلة من الازدهار، ليقترب شيئاً فشيئاً من حالة مستويات النمو والازدهار التي عايشها في سنوات ما قبل "الأزمة المالية العالمية"، التي امتدّت إلى ما يزيد على عقد كامل من النمو المستقر والآخذ في الارتفاع من عام إلى آخر، الأمر الذي جعل الاقتصاد يتحوّل إلى إحدى القوى الاقتصادية المهمة على مستوى العالم، وإحدى القوى الأهم على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية