شهدت الفترة الماضية عدداً من مظاهر التحسّن والتعافي النسبي لقطاع العقارات الإماراتي، وهي المظاهر التي بدأت في الظهور بعد أن أنهى القطاع مرحلة التباطؤ التي عاشها خلال المراحل الأولى من الأزمة المالية العالمية، التي اضطر فيها القطاع إلى أن يتنازل عن بعض المكاسب التي كان قد حققها على مدار السنوات التي سبقت الأزمة، وقد رُصدت بعض البيانات الرسمية خلال الفترة الماضية التي تعبّر عن أن هناك نمواً تدريجياً في أحجام الطلب على الوحدات العقارية يجري على قدم وساق في عدد من مناطق الدولة في الوقت الحالي، وهو النمو الذي قد يكون ناجماً عن استعادة القطاع لبعض من جاذبيته لدى المستثمرين، بعد أن بلغت القيم الاسمية لأصوله مستويات منخفضة كثيراً مقارنة بقيمها الحقيقة، ما سمح بتنامي حجم الهوامش الربحية المتاحة. ولا يمكن فصل هذا التحسّن في القطاع العقاري بالطبع عن الحالة العامة التي يعيشها الاقتصاد الإماراتي برمّته، الذي استطاع على مدار العامين الماضيين أن يتغلّب على المصاعب والتداعيات السلبية التي جلبتها الأزمة المالية، وتمكّن من تغيير بوصلة أدائه نحو الجانب الإيجابي، فدفع مؤسسات الأعمال الخاصة والحكومية نحو التوسّع في أنشطتها القائمة، بل والإقدام على إنشاء مشروعات جديدة، وبالتالي زاد طلب تلك المؤسسات على الوحدات العقارية المخصّصة للأنشطة التجارية والصناعية، وبالتوازي مع ذلك فقد تواصل النمو السكاني في الدولة بالوتيرة المرتفعة نفسها تقريباً، مستفيداً من المعدّل المرتفع للزيادة الطبيعية للسكان من ناحية، ومن توافد العمالة الأجنبية على الدولة لتلبية احتياجات توسّع الأنشطة الاقتصادية في الدولة، المشار إليه مسبقاً، من ناحية أخرى، وقد أدّى هذا النمو السكاني إلى استعادة الطلب على الوحدات السكنية لجزء من عافيته. ساعد تزامن نمو الطلب على الوحدات العقارية التجارية والصناعية مع تعافي الطلب على الوحدات السكنية على استشعار القطاع العقاري في الدولة بعض مظاهر التعافي، الذي إن كان ما زال في حدوده الضيقة، إلا أنه يعبّر عن أن القطاع قد استطاع بالفعل أن يستوعب الآثار السلبية للصدمة التي تعرّض لها في بداية الأزمة المالية، وأن يعكس بوصلة أدائه من الهبوط إلى الصعود، ليعود من جديد وجهة جاذبة لأنظار المستثمرين ولرؤوس أموالهم، وليبدأ مرحلة جديدة من الازدهار، الذي لن يخدمه هو فقط كقطاع، ولكنه يخدم الاقتصاد الإماراتي كله، ولا سيّما أن تعافي هذا القطاع سيكون مؤشراً ذا دلالة كبيرة إلا أن الاقتصاد قد تجاوز الأزمة وانتقل فعلياً إلى مرحلة جديدة، من النمو والازدهار والصعود. ويأتي هذا الحكم من أن قطاع العقارات كان على رأس القطاعات الاقتصادية التي تأثرت سلباً بفعل الأزمة، وكان يعدّ أحد القطاعات الأكثر تكبّداً للخسائر بفعل هذه الأزمة، وبالتالي فإن عودته إلى النمو والازدهار من جديد تضع حداً فاصلاً بين مرحلتين، فهو ينهي مرحلة كانت تسودها أجواء غير مطمئنة وأداء غير مستقر، ويؤْذِن ببداية مرحلة جديدة تتعالى فيها مستويات الثقة والطمأنينة وتتجه فيها الأنشطة الاقتصادية إلى النمو على المستويين القطاعي والكلّي. ــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية