في تقريرين منفصلين ولكنهما متزامنان صدرا مؤخراً عن مؤسستين دوليتين هما "البنك الدولي" و"الاتحاد الدولي لمنتجي البرمجيات"، جاءت دولة الإمارات في تصنيفات متقدمة على مستوى العالم واحتلت المرتبة الأولى عربياً وفقاً لعدد من المؤشرات التي لها دلالات إيجابية كبيرة في ما يتعلق بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الدولة، ومستوى التطور الذي وصل إليه المجتمع الإماراتي في استخدام التطبيقات التكنولوجية وتطويعها في إنجاز أعماله اليومية، ناهيك عن توافر الظروف الملائمة لتعميم استخدام تلك التطبيقات في الدولة، والتي استطاعت أن تؤسس بنى تحتية وتكنولوجية وطنية متطورة، وتبنت من القوانين والقواعد التنظيمية ما يقلص حجم قرصنة البرمجيات والممارسات الضارة بالقطاع إلى حدودها الدنيا. فقد احتلت الإمارات المرتبة الـ21 عالمياً والمرتبة الأولى عربياً، وفقاً لمؤشر"معدل استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات"، الذي يصدره "البنك الدولي"، وهو ما يعبر عن الانتشار الواسع لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف الأنشطة وجوانب الحياة في المجتمع الإماراتي كله، بداية من الفرد وصولاً إلى المؤسسات الخاصة والحكومية، وأن هذا المجتمع وصل إلى مستوى من التطور والقدرة على استخدام مستحدثات العصر بما يضعه في مصاف الدول المتقدمة وعلى رأس الدول العربية في هذا الشأن، ولعل تقدّم الدولة على مؤشر "دليل الإبداع"، الذي يصدره "البنك الدولي" أيضاً واحتلالها المرتبة السادسة والأربعين عالمياً والمرتبة الأولى عربياً، لهو تعبير صريح على مدى استعداد المجتمع لاستخدام التكنولوجيا، الذي هو بدوره عامل حاسم في تعميم استخدامها في مختلف الأنشطة والقطاعات في الدولة. وبالتوازي مع ذلك فقد جاءت دولة الإمارات في المرتبة الرابعة عشرة عالمياً والأولى على مستوى الدول العربية، وفقاً لتصنيف "الاتحاد الدولي لمنتجي البرمجيات" في ما يتعلق بمكافحة قرصنة البرمجيات، حيث سجلت الدولة أدنى مستوى لمعدل القرصنة في العالم العربي، ولم يتجاوز هذا المعدل نحو 37 في المئة، وتتساوى هذه النسبة مع دول أخرى كفرنسا وسنغافورة، كما أنها تبقى بعيدة كثيراً عن معظم الدول العربية غير الخليجية، خاصة الدول التي ترتفع فيها معدلات القرصنة، كليبيا واليمن والعراق التي تتجاوز معدلاتها حاجز الـ 80 في المئة. إن تزامن هذا التقدم الإماراتي على الترتيب الدولي، وفقاً للمؤشرات المذكورة، يعبر عن أن دولة الإمارات تعد بيئة خصبة وملائمة في الوقت الحالي لممارسة جميع الأنشطة المرتبطة بقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، خصوصاً الأنشطة الاستثمارية واجتذاب منتجي البرمجيات لتوسيع أنشطتهم في الدولة، وذلك في ظل ميزتين عامتين تتمتع بهما سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الإماراتية، فهي بداية تتمتع بدرجة عالية من الديناميكية، في ظل حالة النمو المطرد التي تمر بها الدولة نتيجة النمو السكاني والتطور الاقتصادي والتنموي، بخلاف قدرة السوق على التفاعل السريع مع مستحدثات التكنولوجيا واستيعابها، ومن ثم تتمتع السوق الإماراتية بحالة من التنظيم والأمان لا تتوافر لدى عدد كبير من دول العالم، وذلك في ظل البنية التشريعية والقواعد المنظمة للتعامل في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الدولة، سواء في ما يتعلق بتعاملات الأفراد أو المؤسسات، حيث إن درجة التنظيم والتكامل والمرونة، التي تتسم بها هذه البنية التشريعية، حَرِيَّة بأن تشعر منتجي البرمجيات بالتوسع في أنشطتهم الاستثمارية في الدولة دون الشعور بأي تهديدات لتلك الأنشطة، ناهيك عما يعود به ذلك على مجمل الأنشطة الاقتصادية في الدولة من عوائد. ـــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.