حسناً فعلت قمة مجلس التعاون الخليجي بإعلان تأجيل الاتحاد الخليجي بغية مزيد من الدراسة... وهي خطوة واقعية، لأن هنالك الكثير من القضايا التي ينبغي مناقشتها وحلها قبل الإعلان عن الاتحاد الخليجي. والأسئلة المثارة هنا هي من قبيل: هل كل الحكومات الخليجية مهيأة ومستعدة لدخول الاتحاد؟ وهل هنالك جدية في تحقيق ذلك الاتحاد؟ ولماذا الاستعجال في تحقيقه الآن؟ التأجيل وعدم اتخاذ خطوات لإعلان الاتحاد أمر طبيعي، بعد أن تحفظت عليه بعض دول مجلس التعاون، رغم وجود دول أخرى في المجلس ترغب في إعلانه الآن. لكن ماذا عن شعوب منطقة الخليج، هل أعلنت قبولها؟ لا نعرف ردود فعل شعوب دول المنطقة وموقفها الحقيقي، لكن يمكن القول إن الكويت، وعلى لسان رئيس مجلس الأمة الكويتي أحمد السعدون، ترى أنه لا خيار لدول مجلس التعاون غير تطوير علاقاتها نحو شكل متقدم من أشكال الاتحاد، وهذا يتحقق في ظل أنظمة متشابهة منفتحة على شعوبها، خاصة فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، بما في ذلك حرية التعبير وحق المشاركة الشعبية في صنع القرار، وهو ما نتطلع إلى تحقيقه في جميع دول المجلس خلال وقت قريب حتى يتحقق الاتحاد المنشود. وهل الدعوة للاتحاد جادة؟ الاتحاد المقترح يدعو إلى تنسيق اقتصادي وسياسي وعسكري، وإلى إقامة هيئة جديدة لاتخاذ القرار مقرها الرياض بدلاً من الأمانة العامة الحالية لمجلس التعاون الخليجي. لماذا إنشاء كيان جديد بعد مرور أكثر من 30 عاماً على إنشاء مجلس التعاون الخليجي الذي لم يحقق حتى الآن أي تكامل حقيقي على المستوى الاقتصادي والمالي؟ القادة الخليجيون وبعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً لم يحسموا الاتحاد النقدي ولا الاتحاد الجمركي، ولم تعالج قمتهم الأخيرة عدداً من القرارات الاقتصادية المهمة مثل السوق الخليجية المشتركة، ولم تشكل هيئة قضائية لمعالجة الخلافات والنزاعات الناشئة عن تنفيذ أو عدم تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية أو القوانين والقرارات الصادرة بتطبيق أحكامها. والاتحاد النقدي لم يستطع إلى الآن استكمال البناء المؤسسي والتنظيمي لأعمال المجلس النقدي. أضف إلى ذلك كله، أن دول المجلس لم تحسم الخلافات الحدودية المعلقة فيما بينها، ولا توجد لديها إلى الآن شبكة اتصالات برية كافية للربط بين أراضي بعضها البعض بقصد تسهيل انتقال الشعوب والبضائع. فإذا كانت كل هذه الأمور الخاصة بمصالح الشعوب لم تتحقق بعد، فلماذا الاستعجال إذن في إعلان الاتحاد الخليجي؟ لعل السبب الرئيسي الذي دعا بعض دول المجلس لاستعجال الاتحاد، هو التهديدات الأمنية ضد البحرين. لكن عندما نتحدث عن الأمن الخليجي فأن ثمة بعداً أساسياً هو البعد الخارجي، ويتمثل في التصدي لأي تهديدات لدول المجلس خارجياً، وقد تم حل هذه القضية عن طريق التنسيق الأمني لدول المجلس وكذلك عن طريق توقيع اتفاقيات أمنية مع الدول الكبرى وتحديداً الولايات المتحدة. لقد خرجت استطلاعات تقول إن المعارضة البحرينية مدعومة من إيران، لكن شيعة البحرين هم عرب موالون لبلدهم، وقد أكدت أكبر جمعية في المعارضة البحرينية، في بيان لها، على عروبة البحرين ورفضها القاطع لأي مساس باستقلال وسيادة البلاد تحت أي ظرف أو عنوان من العناوين، وأعلنت أن البحرين دولة عربية إسلامية مستقلة بقرار من الأمم المتحدة. ما نحتاج إليه في دول مجلس التعاون الخليجي، هو تحسين وضع الفئات المختلفة من المواطنين، فالوحدة الحقيقية هي الاهتمام بالشعب وضمان حقوقه الإنسانية.