بجانب المبادرات التي تحدثت عنها في مقالاتي السابقة، والتي تهدف بصورة خاصة إلى علاج الخلل اللغوي الذي تعانيه لغتنا العربية، هناك أيضاً الجهود التي تبذلها جمعية حماية اللغة العربية منذ تأسيسها عام 1999 في إمارة الشارقة، وهي مؤسسة مهمة يفترض أن يخصص لها دعم مادي ومعنوي يتناسب مع الدور الذي تقوم به، وأن تكون لها فروع في كل إمارة من إمارات الدولة. فهي تسهم في الحفاظ على لغتنا العربية وتحاول الوقوف أمام أي نوع من الخلل اللغوي الذي يؤدي إلى إضعاف اللغة العربية وتآكلها داخل المجتمع، وإلى تشخيص عللها ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لعلاجها. صحيح أن جهود الجمعية في الوقت الحالي قد تكون محدودة نوعاً ما، لكن ذلك بسبب قلة الموارد، كونها تعتمد على الجهود الذاتية للأعضاء، لذلك من المفترض أن تتم مساعدتها من جميع قطاعات المجتمع ودعمها مادياً ومعنوياً وتوسيع صلاحياتها، بحيث تستطيع تحقيق أهدافها، وتخصيص مساحة لنشاطاتها وبرامجها في الإعلام المحلي والإشادة بدورها ودور القائمين عليها، خاصة وأن تأسيسها جاء كضرورة ملحة أملتها الظروف وبعد أن استفحل الخطر الذي يهدد اللغة العربية، بل بعد أن أصبحت لغة رابعة في المجتمع. إن حماية اللغة العربية تعتبر قضية سياسية وأمنية بالدرجة الأولى، لأنها تتعلق بأمن الأمة وهويتها. لقد سعت الجمعية منذ البداية إلى حماية العربية والكشف عن الأخطار التي تتهددها، وتنبيه المجتمع إلى حالة التهميش التي تعيشها ،والمطالبة بضرورة استخدامها في كافة مجالات الحياة المختلفة في الدولة، ونشر الوعي بأهميتها في المجتمع، وتجسيد كل ذلك من خلال برامجها ونشاطاتها والتي تمثلت في تعليم العربية لغير الناطقين بها، وتنظيم دورات تعليمية لتعليم مهارات اللغة العربية، وإصدار مجلة شهرية متخصصة، ومجموعة من الكتب تُعنى بالشأن اللغوي، والقصص المصورة للأطفال، وعقد العديد من المؤتمرات، والمشاركة في المناسبات المحلية والعربية والدولية التي تخص موضوع اللغة... كل ذلك بقدراتها المادية المحدودة. ولم يتوقف دورها عند هذه النشاطات بل شمل الدفاع عن اللغة العربية، والعمل على تدعيم مكانتها وتعزيز موقعها في المجتمع، ومحاولة إزالة التهميش الذي أصابها في القطاعات المختلفة، والعمل على وضع استراتيجية واضحة لتحقيق خطوات عملية لحماية العربية. وحتى نعيد للغة مكانتها وقوتها، من الضروري أن نعمل جميعاً على دعم جهود الجمعية في عملها الهادف لحماية اللغة العربية ودعمها مادياً ومعنوياً، لأنها تعمل على حماية لغة القرآن الكريم، وأن تترجم الجمعية كل جهودها وتوصياتها إلى عمل حقيقي على أرض الواقع في قطاعات المجتمع المختلفة، حتى يمكننا النهوض باللغة من كبوتها. وأعتقد أننا لو فعلنا مثل هذا، وبادرنا بدعم هذه الجهود وساعدنا القائمين على جمعية حماية اللغة العربية لإنجاز مثل هذه الأهداف، فسوف نوقف النزيف الذي تتعرض له لغتنا العربية نتيجة الأخطار التي تهددها. ومن الضروري أيضاً السعي لتأسيس مجمع للغة العربية في دولة الإمارات يشبه ذلك الموجود في القاهرة ودمشق وبغداد، خاصة أنه لا تنقصنا الإمكانيات المادية والبشرية والعلمية المختصة، لتأسيس مثل هذا المجمع اللغوي المهم. إن وجود مثل هذا المجمع سوف يكون له تأثير كبير، ليس فقط في دولة الإمارات، بل في باقي منطقة الخليج، لأنه سوف يعمل علي تحسين وتقوية هذه اللغة، ويكون دوره البحث عن حلول علمية وعملية لمشكلة لغتنا العربية.