تعتمد السياحة العلاجية على استخدام المصحّات المتخصصة أو المراكز الطبية أو المستشفيات الحديثة، التي تتوافر فيها تجهيزات طبية وكوادر بشرية تمتاز بالكفاءة العالية. وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً بالغاً لهذا النوع من السياحة، خاصة في ضوء ما تمتلكه من بنية تحتية متميّزة في القطاع الصحي، تضاهي نظيرتها في دول العالم المتقدم، حيث تمتلك العديد من المستشفيات والمصحّات العلاجية المجهزة بأحدث الأجهزة الفنية والطبية، وإمدادها بالمستشارين المتخصصين المَهَرة، ما يمهّد لمرحلة جديدة أكثر تقدماً وتطوراً في توفير الخدمات الطبية والعلاجية بفلسفة العصر الذي يركز على الكيف قبل الكمّ، وهذا هو جوهر السياحة العلاجية التي تقدّم بدورها أحدث ما وصلت إليه الرعاية الصحية من تطوّر. لا شك في أن اتخاذ إجراءات جادّة تستهدف الارتقاء بالرعاية الصحية في الدولة، يغني عن تحمّل تبعات العلاج في الخارج بأبعادها المادية وغير المادية، كما يفتح في الوقت ذاته أمام الإمارات آفاقاً اقتصادية وصحية وسياحية جديدة لاستقطاب أكبر عدد من طالبي السياحة العلاجية في الخليج والشرق الأوسط، خاصة أن الإمارات أصبحت تحتلّ بالفعل مرتبة متقدّمة ضمن دول المنطقة والعالم، فيما يتعلق بالسياحة العلاجية، وذلك حسب التقرير الذي صدر مؤخراً عن مؤسسة الاستشارات والأبحاث العالمية "بيزنس مونيتور إنترناشونال"، الذي اعتبر أن مجال السياحة العلاجية في الإمارات ينمو بنسبة 15% سنويّاً، وهي تعدّ بذلك أبرز دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" في مجال توفير العناصر المهمة للنهوض بقطاع الرعاية الصحية بما فيها الخبرة المميزة للطاقم الطبي وقدرة المريض على تحمّل التكاليف وفترات الانتظار القصيرة، وهي السمات التي تسهم بدورها في نجاح السياحة العلاجية. ما يدعو إلى الثقة بهذا الشأن، أن دولة الإمارات تمتلك العديد من المقوّمات الكفيلة بتعزيز مكانتها كإحدى أبرز الوجهات العالمية الرائدة في السياحة العلاجية: أولاً، أن هناك توجّهاً مستمراً من جانب الدولة نحو الارتقاء بالرعاية الصحية، وتوفير المقوّمات التي تضمن تطويرها بشكل متواصل، لكي تصل إلى المعايير المطبّقة في الدول المتقدمة. ثانيّاً، التطوّر النوعي الكبير الذي شهده قطاع السياحة بوجه عام، الذي لاشك في أنه يمثل دعماً لنجاح السياحة العلاجية، وتطوّرها، خاصة أن الإمارات تمتلك مقوّمات سياحية متنوّعة تمكنها من المنافسة بقوة في هذا المجال، كما أصبحت وجهة مميزة لاستضافة العديد من المؤتمرات الطبية العالمية، التي تبحث في كل جديد لحق في المجال الطبي، فضلاً عما تتمتع به من تقاليد وعادات راسخة من الكرم واستضافة الآخرين، وكلها عوامل تجعل من الإمارات وجهة مثالية للسياحة العلاجية. ثالثاً، الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي الذي تنعم به الدولة، إلى جانب تمتعها ببِنية تحتيّة قوية تضاهي المستويات العالمية في العديد من المجالات، وهذا لاشك في أنه يمثل إضافة قوية، ودعماً لقطاع السياحة العلاجية في الدولة. الاهتمام بالسياحة العلاجية أصبح توجّهاً عالميّاً، ينال اهتمام العديد من دول العالم، التي تسعى إلى تنشيط هذا النوع من السياحة لتعويض النقص في السياحة التقليدية، خاصة أن كل التقديرات والإحصاءات، المحلية والدولية، تشير إلى أنه قطاع المستقبل، وأنه مقدم على تطوّر كبير على المستويات كافة، وهذا ما يفسّر اهتمام الجهات المعنية في الدولة بهذا المجال، وتوفير التسهيلات والمقوّمات التي تضمن تطوّره. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية