أطلقت الصحفية المصرية "منى الطحاوي" عاصفة إعلامية حول علاقات النوع الاجتماعي العربية في مقالها الأخير بمجلة "فورن بوليسي"، تحت عنوان مثير "لماذا يكرهوننا؟"، مشيرة إلى المواقف الذكورية تجاه المرأة. لكن، وفي خضم هذا الخلاف، هناك خطر إغفال أسئلة هامة. فبدلاً من الخوض في ما إذا كان الرجل العربي يكره المرأة فعلاً، ربما يكون من الأفضل تركيز اهتمامنا على تشكيل استراتيجيات من أجل تحقيق المساواة في النوع الاجتماعي. ربما تقدم السيدة الطحاوي خدمة أفضل لعلاقات النوع الاجتماعي إذا ما نشرت الوعي بالحاجة إلى دعم حقوق المرأة، لكن نبرة مقالها خلافية وحادة. يشكّل المقال تهجماً لاذعاً ضد أوضاع المرأة في العالم العربي. وتُدرِج الطحاوي قائمة بالإساءات التي تعانيها المرأة، بما في ذلك تعرض الكاتبة نفسها للضرب والاعتداء الجنسي في مظاهرة بالقاهرة السنة الماضية، حيث تعزو هذه المواقف إلى "خليط من الثقافة والدين"، وحجتها الأساسية أن المرأة العربية تعيش كمواطنة من الدرجة الثانية لأن الرجل "يكرهها". لذلك "لن تنجح ثوراتنا السياسية ما لم ترافقها ثورات في الفكر"، تكتب الطحاوي. وقد أدّت انتقاداتها إلى تصعيد من الردود المشحونة بالعواطف، أثنى بعضها على الكاتبة لشجاعتها. لكن الذين قاموا بذَمّها كانوا أعلى صوتاً، متهمين إياها بتشجيع وجهات نظر ممعنة في التبسيط تهدف إلى إرضاء الصور النمطية الغربية عن المرأة العربية كضحية تحتاج للإنقاذ من "الإسلام الكاره للمرأة"! إلا أن ما تجاهله ذلك الجدل هو وجود العديد من الرجال العرب الذين يعملون بالتضامن والشراكة مع النساء للتخلص من عدم المساواة. ويشارك عدد لا بأس به من الرجال في الواجبات الأسرية التي يُنظَر إليها عادة على أنها واجبات تقليدية للمرأة، مثل تربية الأطفال والطبخ والأعمال المنزلية. وينضم المزيد من الرجال العرب إلى نضال المرأة من أجل المزيد من الحريات. هذا وتملك اللغة المعبأة حول الحقد أفضلية لفت النظر إلى قضية ما، لكنها تخاطر بعزل الجمهور نفسه الذي نحتاج للتشارك معه. لا يفعل النظر إلى الرجال على أنهم كارهون سوى القليل لتشجيع الهدف النهائي في مجال النوع الاجتماعي، أي المزيد من الحرية والكرامة للمرأة. وبدلاً من ذلك، يجب رعاية مبادرات تزيد من مشاركة الرجل الشعور بمسألة المساواة في النوع الاجتماعي. يتوجب علينا كنساء ورجال عرب أن نلجِم الاتهامات الغاضبة بعدم المساواة التي لفتت الطحاوي نظرنا إليها، ونحولها إلى عمل إيجابي. بدلاً من إلقاء اللوم على الرجال أو الثقافة. يتوجب علينا استخدام حوار سلمي وشمولي لتعزيز فكرة أن حقوق المرأة هي مجال اهتمام الجميع. وفي إعادة صياغة لقول الفيزيائي المشهور أينشتاين، لا يستطيع المرء حل مشكلة بنفس العقلية التي أوجدتها. لن تفعل ألعاب توجيه أصابع الاتهام واللوم سوى إيجاد المزيد من العداوة والتنافر. وإلى أن يتّحد الرجال والنساء لإلقاء سلاسل أدوار وهويات النوع الاجتماعي الثنائية، فإننا جميعاً ملامون في إطالة أمر عدم التمكين في مجتمعاتنا ككل. ربما يكون "الربيع العربي" خيّب آمال الكثيرين، لكنه لم ينته بعد. فلنأمل أن يشكل مقال الطحاوي صرخة تجمعنا وراء تحسين خطوط التواصل بين الرجال والنساء، فحياتهم، كما يقول صندوق الأمم المتحدة للسكان، "تعتمد على بعضها بعضاً ... وتمكين المرأة يعود بالفائدة على الجميع". دليلة مهداوي صحفية في مجال حقوق الإنسان في بيروت ولندن ينشر بترتيب مع "كومون جراوند" الإخبارية