تولي دولة الإمارات العربية المتحدة العمل الخليجي العربي المشترك أهمية خاصة، وتضعه بين البنود الأولى على قائمة أولويّاتها، وهي تحتل مرتبة متقدّمة، بل إنها تأتي في المرتبة الأولى في كثير من الأحيان بين دول المجلس كافة في ما يتعلّق بالتزام تعهداتها ضمن الاتفاقيات والقرارات التي يتم التوصل إليها تحت مظلّة المجلس، وقد اتضح ذلك مراراً من خلال بيانات "الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية"، وإلى جانب ذلك فإن الدولة تعدّ عضواً نشطاً في المجلس من خلال حرصها الواضح على تقديم المبادرات والمقترحات التي تسهم في النهوض بالعمل الخليجي العربي المشترك وتطويره بشكل مستمر. وفي تجلٍّ واضح لحرص الإمارات على مواصلة دعم العمل الخليجي العربي المشترك فقد استمرّت في منح تراخيص ممارسة الأنشطة الاقتصادية لمصلحة مواطني دول الخليج العربية لممارسة أنشطتهم الاقتصادية والاستثمارية على أراضيها، حيث زاد عدد تلك التراخيص وفقاً لـ "وزارة المالية" الإماراتية بنحو 10.2 في المئة في عام 2011 مقارنة بالعام الذي سبقه، ليصل العدد التراكمي للتراخيص إلى نحو 28.9 ألف ترخيص، وتشير بيانات الوزارة إلى أن عدد هذه التراخيص قد سجّل نمواً يقدّر بنحو 22.5 في المئة كمتوسط سنويّ منذ عام 2006 حتى الآن، وهو ما يشير إلى مستوى الانفتاح والمرونة الذي تتعامل به دولة الإمارات مع مواطني دول المجلس في ما يتعلق بممارسة الأنشطة الاقتصادية في أسواقها المحلية، وكذلك مستوى الجدية المرتفع الذي تبديه الدولة في دعم العمل المشترك مع باقي الأعضاء من خلال تشجيع مواطنيهم على القدوم إليها، وكجزء من الاستراتيجية الأشمل للدولة الحريصة على استكمال بناء التجمّع الاقتصادي لدول المجلس. إن تسهيل تنقّل عناصر الإنتاج، سواء في صورة أيدٍ عاملة أو مستثمرين ومنظّمين وأصحاب أعمال أو في صورة رؤوس أموال بين الدول الأعضاء في أي تجمّع اقتصادي، يعتبر من الخطوات المحورية في مسيرة العمل المشترك في ما بين هذه الدول، بل إنه يعدّ خطوة أساسية على مسيرة هذا التجمّع نحو الغاية النهائية من قيامه، فهو يمثّل اللَّبِنة الرئيسية لبناء السوق المشتركة بين الدول الأعضاء، وهو الهدف الذي تسعى دول المجلس في المرحلة الراهنة إلى الوفاء به، ولعلّ السياسة التي تتعامل بها دولة الإمارات مع مواطني الدول الأخرى من خلال فتح أسواقها أمامهم على هذا النحو الذي توضحه بيانات وزارة المالية، تمثل مؤشراً إلى حرص الدولة على استكمال البنية الرئيسية للسوق الخليجية المشتركة، تمهيداً للانتقال إلى الخطوة التالية على مسيرة العمل الخليجي العربي المشترك، الذي يعود بالنفع على جميع مواطني دول المجلس من دون استثناء. ولا يتوقف الدعم الإماراتي للعمل الخليجي العربي المشترك على فتح أسواقها أمام مواطني باقي الدول الأعضاء فقط، بل إن القدرات الديناميكية وحالة الازدهار التي يتمتّع بها الاقتصاد الإماراتي، تسهم في هذا الجانب بشكل كبير، حيث إن الموقع المتميّز الذي يحتلّه الاقتصاد الوطني على خريطتي التجارة والاستثمار العالميتين نتيجة لتلك المميزات يضعه في موقع حلقة الوصل المهمة بين أسواق المنطقة من ناحية والأسواق العالمية من ناحية أخرى، الأمر الذي يساعد على زيادة حجم المصالح المشتركة لدول المنطقة تجاه العالم الخارجي، خاصة في ما يتعلّق بجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال، ويضع اقتصادات المنطقة كوحدة واحدة ونقطة جذب كبيرة أمام تلك الاستثمارات. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.