هنا في مخيم "ييدا" بمنطقة جبال النوبة في السودان تقف هذه المرأة حاملة طفلها الرضيع وظهرها إلى جذع شجرة التماساً لظل شحيح، وهي تمضي ساعات طوالاً في حالة انكشاف من المأوى ومعاناة من الفاقة، انتظاراً لأن يحل دورها في مركز تسجيل النازحين، الذي انهالت عليه أعداد كبيرة من الهاربين من جحيم العنف الناجم عن هجوم ميليشيات التمرد التابعة للحركة الشعبية في جنوب كردفان. وقد اضطر الآلاف مع احتدام أعمال العنف للنفاذ بجلودهم من منطقة جبال النوبة إلى منطقة "ييدا" المجاورة، مخافة التعرض لنيران المتمردين، أو الضربات الجوية المضادة التي قد تشنها القوات النظامية السودانية. وفي هذا العراء والوضع الإنساني القاسي لا تجد الأم ما يقيم أودها وأود ابنها الرضيع، ولا يجد الرضيع أيضاً من أسباب الرعاية الصحية والحياة الكريمة غير ما توفره خرقة صغيرة من القماش وحنان أم نازحة مكلومة. يذكر أن الأطفال والأمهات والشرائح الأكثر هشاشة هم من يدفع عادة ثمن مثل هذه الحالات من الصراع المسلح وعدم الاستقرار، حين يجدون أنفسهم فجأة مهجَّرين لاجئين في وطنهم، ومحرومين من الاستفادة من خدمات الدولة ومساعدة منظمات الإغاثة، وخاصة في حالات التدافع السكاني الخطيرة مثل هذه، وكأن معاناتهم الإنسانية المريرة هي الجائزة التي يتصارع عليها المتصارعون! (أ.ف.ب)