إذا صدر قانون من "الكنيست" بإجراء الانتخابات القادمة في شهر سبتمبر من هذا العام، بدلاً من الموعد الأصلي في نوفمبر 2013، ستتوالى التحليلات الإسرائيلية حول فرص الفوز، وتتزايد استطلاعات الرأي حول اتجاهات التصويت لدى الناخبين، وسيكون على الباحثين والإعلاميين العرب أن يتابعوا الأمر طارحين أسئلة عديدة. أهم سؤال من وجهة نظري هو: هل ستحمل الانتخابات ونتائجها المتوقعة تغييراً بالنسبة لنا فيما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية، وإقرار السلام الفلسطيني الإسرائيلي؟ يبدو لي في ظل المزاج اليميني المسيطر على غالبية الإسرائيليين، أننا سنواجه حكومة جديدة لا يختلف نهجها السياسي تجاه قضية السلام عن الحكومة الحالية التي أرست منهج المناورة، وادعاء الرغبة في السلام مع إضاعة الوقت، ومواصلة عمليات الاستيطان وقضم وهضم الضفة الغربية والقدس. لقد ارتاح غالبية الناخبين الإسرائيليين لهذا المنهج الذي أرساه نتنياهو لسببين، أولهما: الخروج من الحيرة التي كان يسببها موقف اليسار الذي قام على تفضيل السلام ومبدأ مقايضة الأرض به على مبدأ الجمود السياسي الذي يفجر المقاومة العربية، وبالتالي يعرض أمن إسرائيل للخطر. لقد استطاع نتنياهو من خلال آليات متعددة، أن يثبت للجمهور أن الجمود في عملية السلام لا يعرض أمن إسرائيل لخطر شديد، وبالتالي ارتاح الناخبون في كثرتهم لعمليات الاستيطان باعتبارها تحقق لهم مكاسب خالية من ضرائب التهديد الأمني. السبب الثاني: زوال الخطر الذي كانت المعارضة في اليسار والوسط تلوح بتعرض إسرائيل له نتيجة لسياسات المناورة والمراوغة في عملية السلام التي يقوم بها نتنياهو، وهو خطر تعريض العلاقات الاستراتيجية مع والولايات المتحدة للخطر. لقد انتهت فترة رئاسة أوباما الأولى، وتحولت سياساته من المواجهة والصدام مع سياسات نتنياهو إلى درجة مذهلة من الليونة أمام نتنياهو وحكومته. إذن، حاصل حكم اليمين بزعامة "ليكود" خلال السنوات الثلاث السابقة يشير إلى سقوط منطق اليسار والوسط حول الكوارث التي ستجلبها سياسات نتنياهو وارتياح الناخبين للمكاسب التي يحققها. إن هذا الارتياح بالتحديد هو الذي دعا الرجل إلى المبادرة لاقتراح تبكير موعد الانتخابات ليجني ثمار غرسه قبل أن يستطيع حزب "كاديما" العودة إلى توازنه مع رئيسه الجديد الجنرال شاؤول موفاز. لقد أشارت استطلاعات الرأي التي جرت حتى الآن إلى أن "ليكود" تحت قيادة نتنياهو سيزيد من رصيد مقاعده في "الكنيست" لترتفع من 27 مقعداً إلى ثلاثين أو اثنين وثلاثين، وعلى المستوى الشخصي دلّ استطلاع أجرته صحيفة "هآرتس" على أن الجمهور منح بنسبة 48 في المئة تأييده لنتنياهو، بينما أعطى نسبة تأييد هزيلة لزعيمة حزب "العمل" يحيموقتس (15 في المئة)، ونسبة أشد هزالاً لزعيم "كاديما" موفاز (9 في المئة). إن اتجاه الأكثرية من الناخبين يعبر عن اطراد الثقة في قدرة نتنياهو على الجمع بين حلم التوسع في الضفة وضمان الأمن، ويتضح هذا من تدهور مكانة حزب "كاديما" الذي حصل في الانتخابات السابقة على 28 مقعداً، حيث تشير الاستطلاعات إلي أن نصيبه سينخفض إلى ما بين 11 و 12 مقعداً. إن إجمالي أرقام نتائج الاستطلاعات يفيد بأن نصيب معسكر اليمين الذي يضم "ليكود" و"إسرائيل بيتنا" و"شاس" و"يهدوت هتوراه" في الانتخابات المبكرة، سيظل أكبر من نصيب جميع أحزاب اليسار، أو الاتجاه المعتدل تجاه السلام بـ61 مقعداً. لهذا أعتقد أن نتائج هذه الانتخابات لن تنفعنا في شيء أكثر من سابقاتها.