أولت أبوظبي اهتماماً متزايداً لتنمية القطاعات المجتمعية كافة التي تعزّز القدرات البشرية باعتبارها ركيزة أساسية في منظومة البناء المجتمعي الشامل. وركزت في هذا الإطار على تطوير نظم الرعاية الصحية، التي تمثل حجر الأساس في هذه المنظومة كونها تتعلق بالعنصر البشري المحرّك الرئيس لعجلة التنمية وعصبها الحيوي. وعملت أبوظبي على بناء قطاع صحي متميّز من خلال وضع الاستراتيجيات المتعلقة بتقديم مستوى رعاية صحية عالي الجودة يتماشى مع المستويات العالمية، حيث قدّمت "هيئة الصحة"، في إطار الرؤية المستقبلية "أبوظبي 2030"، خطة خمسية (2011-2015) تهدف إلى الارتقاء بمستوى الحياة بشكل عام، وتقدّم أفضل الخدمات الصحية والعلاجية والوقائية والدوائية بشكل خاص. كما أقرّ المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في عام 2012 عدداً من المشروعات الصحية شملت إنشاء العشرات من المراكز الطبية. إضافة إلى تطوير عدد من المستشفيات، كـ"مستشفى غياثي" و"مستشفى السلع"، وتوسعتها، ضمن خطة الإحلال التي تشمل إضافة خدمات طبية تخصّصية توفر الرعاية الصحية اللازمة. هذا بالإضافة إلى إنشاء "مستشفى كليفلاند" في أبوظبي المصمّم وفقاً لأحدث التقنيات العالمية. كما شملت هذه الجهود أيضاً توسعة مجال المعرفة الطبية من خلال إنشاء المراكز المتخصّصة كـ"مركز زايد بن سلطان آل نهيان للعلوم الصحية" في "جامعة الإمارات"، الذي يخصّص كرسي أستاذية في مجال الصحة العالمية، ويقوم بتدريب طلبة الدراسات العليا في مجال إجراء الأبحاث العلمية حول أكثر الأمراض انتشاراً في الدولة والمنطقة، والتحدّيات الصحية ذات الصلة في المجتمع، مع إعداد خطط وبرامج لنشر الوعي حولها بين أفراد الجمهور. هذا إلى جانب استضافة المؤتمرات العلمية المتخصّصة التي تمثل تجربة مفيدة ومثمرة لنقل الخبرات والتجارب العالمية بما يخدم تحسين مستوى الحياة العامة، ويتيح التواصل المعرفي بين الأطباء العاملين في الدولة وغيرهم من ذوي الخبرات العالمية، ويفتح نوافذ واسعة للحوار والنقاش، حول أفضل السبل للاستفادة من التقدّم الطبي والاكتشافات الحديثة. ويمثل "مؤتمر جراحة العيون والتكنولوجيا الحديثة"، الذي نظمه "مستشفى لندن لطب العيون" في "قصر الإمارات"، مؤخراً، انعكاساً مباشراً لجهود الإمارة في تعزيز المعرفة العلمية، والاهتمام الخاص بضرورة تحقيق المزيد من التقدّم في المجالات الطبية، وإيجاد الوعي الصحي الذي يسهم بصورة واسعة في تجنب الكثير من الأمراض من خلال اتباع وسائل الوقاية الضرورية لكثير من الأمراض. إن هذا التطور في قطاع الرعاية الصحية في أبوظبي اليوم يأتي استجابة فورية ومباشرة للتطوّرات المتسارعة التي تشهدها الإمارة، ويهدف إلى تحقيق أهداف متعدّدة منها، تحسين مستوى الحياة بصورة عامة، من خلال توفير خدمات الرعاية الصحية بجودة عالية تلبّي حاجات الفرد والمجتمع. وذلك في إطار التزام حكومة أبوظبي مسيرة التنمية المستدامة. ثم زيادة التنوّع الاقتصادي من خلال تصنيع المعدات والأجهزة الطبية، والمستحضرات الصيدلانية، وهو ما ينعكس بالإيجاب على أكثر من مستوى منها إتاحة فرص العمل للمواطنين، وتقليل تكلفة العلاج بالخارج من خلال توفير أرقى مستويات الرعاية الطبية بالمستشفيات والمراكز الصحية، وتوفير أحدث أجهزة التشخيص والعلاج والوقاية التي تواكب التطوّرات العالمية في هذه المجالات. إضافة إلى جعل الإمارة مركزاً إقليميّاً في مجال الرعاية الصحية والابتكار والبحث العلمي والتطبيقات التكنولوجية.