استحقاقات عاجلة أمام هولاند... وكاميرون يسعى لكسب ثقة الناخبين الانتخابات الفرنسية، وعودة بوتين للكريملن، والتحديات التي تواجه "المحافظين" بعد الانتخابات المحلية الأخيرة... موضوعات حظيت باهتمام مكثف في الصحف البريطانية هذا الأسبوع. ثقة الناخبين "أفصح عن رؤيتك لبريطانيا يا كاميرون!"... هكذا عنونت "ديلي تلغراف" افتتاحيتها الأحد الماضي، التي علقت فيها على نتائج الانتخابات التي جرت في بريطانيا الأسبوع الماضي بقولها إن كل شيء في تلك الانتخابات كان سيئاً بالنسبة لـ"المحافظين"، على الرغم من فوزهم بها باستثناء، احتفاظ عمدة لندن المحافظ "بوريس جونسون" بمنصبه. أما في المدن والمقاطعات الأخرى، فإن الأنباء لم تكن تقل قتامة، حيث فقد "المحافظون" 12 مجلساً محلياً من أجمالي المجالس البالغ عددها 181. وأكثر شيء صدم "المحافظين" في تلك الانتخابات، كما ترى الصحيفة، هي نسبة المشاركة المتدنية، حيث فضل ثلثا البريطانيين الذين يحق لهم التصويت البقاء في منازلهم، ورفضوا أن يعطوا أصواتهم لأي أحد، وبلغت نسبة التصويت الفعلي حداً يعتبر هو الأقل منذ عام 2001، حيث لم تزد هذه النسبة على 32 في المئة فضل معظمهم التصويت، إما للعمال أو للأحزاب الهامشية، وهو ما يجب على "كاميرون" أن يعمل على إيجاد علاج له. وترى الصحيفة أن "كاميرون" وإنْ كان رجلاً دمثاً، ولديه طاقة كافية، ويتمتع بسحر شخصي، فإن رؤيته لبريطانيا - التي يفترض أنها تدفعه للأمام- غير واضحة. وعدم الوضوح هذا يمتد إلى "المجتمع الكبير"، الذي يمثل جوهر تفكيره حيث إن هناك عدداً قليلاً من البريطانيين هم الذين يفهمون ما الذي يعنيه ذلك المصطلح على وجه التحديد. وتمضي "الجارديان" في تعداد العوائق التي تعترض رئيس الوزراء البريطاني، فتقول إنه على الرغم من الجهد الذي يبذله من أجل تحديث "المحافظين"، فإن الملاحظ أنه يعزف عن اعتناق - على الأقل علناً - تلك المبادئ التي شكلت علامات مميزة لفترة حكم أسلافه في المنصب، وهي: الالتزام الذي لا يتزعزع بحرية الاختيار، والأسواق الحرة، والمسؤولية الشخصية، وكذلك العمل على إزالة الانطباع الذي تولد لدى الكثيرين من أنصار المحافظين، والشعب البريطاني على وجه العموم، وهو أنه - كاميرون- لا يعني ما يقوله ولا ينفذ ما يلتزم به. وتنتهي للقول بأنه إنه إذا ما أراد لحزبه أن يؤدي بشكل أفضل في أي استحقاقات قادمة، فإن أول شيء يجب عليه أن يفعله هو تبديد ذلك الانطباع السلبي واسترداد ثقة قاعدته الانتخابية مجدداً. التحدي الكبير "فرانسوا هولاند كسب العقول ولكن ليس القلوب"، هكذا عنونت "الإندبندنت" افتتاحيتها يوم الأحد الماضي في معرض تناولها الانتخابات الفرنسية. ورأت الصحيفة أن المنافسة في تلك الانتخابات، كانت حامية بدليل أن "هولاند" فاز بفارق أقل مما أفصحت عنه استطلاعات الرأي، وأنه على الرغم من أن تلك الانتخابات قد أعطت فرنسا أول رئيس اشتراكي منذ 16 عاماً، فإنها لا تمثل، مع ذلك، تلك الانعطافة التاريخية التي تسرع أنصار "هولاند" بالاحتفال بها. وترى الصحيفة أن المشهد السياسي في فرنسا بعد تلك الانتخابات، يبقى - شأنه في ذلك شأن مثيله في معظم الدول الأوروبية - في حالة توازن حرج بين "اليمين" و"اليسار"، وأن الأزمة التي تواجه أوروبا في الوقت الراهن وتواجه فرنسا بالطبع، ليست من النوع الذي يمكن حله من خلال انتخابات، بل إن الانتخابات قد تؤدي لإبراز الانقسام القائم بين القوى السياسية الرئيسية في كل بلد. بيد أن الانتخابات الفرنسية، وعلى الرغم من القيود والحدود التي تضعها على سلطة "هولاند" وقدراته على العمل، توصل إحساساً بالتغيير، وإن كان تغييراً في "درجة التركيز"، وليس على الاتجاه العام، وأنه إذا كانت الخريطة السياسية الفرنسية قد انتقلت بين ليلة وضحاها من اللون الأزرق إلى اللون الأحمر، فإن ذلك يجب أن يؤجج التوقعات ليس في فرنسا فحسب وإنما في مختلف أنحاء القارة. وتقول إنه إذا ما كانت الوعود الرئيسية التي قدمها هولاند في حملته الانتخابية كانت تتعلق بالإنفاق العام، والوظائف، والتعليم، إلا أنه، شأنه في ذلك الرؤساء الفرنسيين السابقين في بداية حكمهم، ويتوقع أن أن يندفع للقاء المستشارة الألمانية، لتبديد أي تكهنات بشأن تدهور متوقع في العلاقات بين البلدين نتيجة لتحول فرنسا "يساراً". وترى أنه حتى إذا تمكن "الاشتراكيون" من تأمين الأغلبية في الجمعية الوطنية بعد الانتخابات التشريعية التي ستعقد في يونيو، فإن المتوقع أن يحصل "اليسار" المتطرف و"اليمين" المتطرف كذلك على نسبة من الأصوات، وهو ما سيؤدي لتعقيد مهمة "هولاند" في احتلال مكانة وسطى بين التيارات المتضاربة، خصوصاً وأنه يتوقع أن يواجه خريف غضب عندما تبدأ الاتحادات العمالية في فرد عضلاتها، وتنتهي الصحيفة للقول إنه إذا كان "هولاند" قد نجح في كسب عقول الفرنسيين في الانتخابات، فإنه يجب أن يعمل كذلك على كسب قلوبهم، وإلا واجه أوقاتاً صعبة في بداية فترة حكمه. وضوح الرؤية تحت عنوان "فوز هولاند فرصة للتغيير"، تطرقت "فاينانشيال تايمز" في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي والتي تناولت فيها الانتخابات الفرنسية أيضاً، فقالت إن "هولاند" قد انتخب بناءً على وعد قدمه للناخبين بتوفير حل للأزمة المالية يكون بديلاً عن حزمة التقشف، التي كانت منتظرة منه باعتباره اشتراكياً. وترى أن رسالة الاطمئنان التي أراد "هولاند" توصيلها من خلال هذا الوعد، تختلف اختلافاً بيناً عن البديل الذي كان الرئيس المنصرف نيكولا ساركوزي قد طرحه والذي وصفه بـ"الخيارات المؤلمة" في البداية، ولكن التي ستفسر في نهاية المطاف عن توفير المزيد من الوظائف، والنمو، وتحسين توقعات المستقبل، وهي وصفة لم تكن خاطئة، بالمناسبة، كما تقول الصحيفة التي ترى أيضاً أن هولاند باعتباره أول رئيس اشتراكي منذ ما يقرب من عقدين، يواجه حقائق قاسية لا تخفى على أحد، إلا أنه يمكن مع ذلك أن يلعب دور العامل المساعد على إحداث التغيير بشرط تحقق شيئين: أولاً العمل على تحسين علاقته مع المستشارة الألمانية بأسرع ما يمكن. والثاني، ألا يخلط بين الخطة الرامية لتحقيق النمو على المدى الطويل وبين خطة قصيرة الأجل خاصة باستقطاعات الميزانية، ووضع حدٍ أعلى على الإنفاق؛ لأن مثل هذا الخلط هو الذي سيعوق خطوات فرنسا ويحول بينها وبين تحقيق النمو المأمول. وتختتم الصحيفة بالقول، إن هولاند يعد في وضع أفضل كثيراً من ساركوزي - الذي كان قد فقد جزءاً كبيراً من شعبيته - من حيث إنه أكثر قدرة في الوقت الراهن على كسب اهتمام الرأي العام بأجندته الإصلاحية، وأنه إذا تمكن من الفوز بالانتخابات التشريعية في يونيو المقبل، فإنه سيكون لديه حينئذ فرصة ذهبية لتحقيق الوعد الذي قطعه على نفسه بإحداث تغيير في فرنسا، وهي فرصة يجب أن يكون حريصاً عليها وألا يضيعها بأي حال. روسيا متغيرة "يجب على بوتين تجنب العودة للمستقبل"، هكذا عنونت "الإندنبندنت" افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي، مشيرة إلى أن الانتخابات الفرنسية والانتخابات اليونانية قد ساهمتا معاً في إبعاد خبر عودة بوتين للكريملن عن العناوين الرئيسية في الصفحات الأولى من الصحف العالمية. وبعد أن تهكمت على عملية تبادل الكراسي بينه وبين ميدفيديف، ذهبت للقول إنه على الرغم من أن كثيرين يخشون من أن تؤدي تلك العودة إلى وضع كوابح على التطور السياسي لروسيا، فإن الخطابين اللذين ألقاهما كل من بوتين وميدفيديف بالالتزام بالديمقراطية وحكم القانون يمكن أن يهدئا من تلك المخاوف قليلاً، وذلك بعدما ازدادت، لا سيما عقب القبض على المحتجين عشية تنصيب بوتين رئيساً. لكن أهم ما يتعين على بوتين أن يدركه هذه المرة بوضوح أنه يأتي إلى روسيا في حالة تغير، وإنه إذا أراد أن يترك إرثاً إيجابياً خلال ولايته الثالثة، فإنه يجب أن يعمل على البناء على هذا التغيير الذي يحدث ولا يعود أبداً إلى أساليبه السلطوية المعتادة في الحكم. إعداد: سعيد كامل