أوروبا المأزومة ترفض التقشف...والكونجرس يدخل أجواء الانتخابات الرئاسية تداعيات فوز مرشح "اليسار" الفرنسي على مسار الأزمة المالية الأوروبية، والخوف من صعود قوى متطرفة بالقارة العجور، والكونجرس الأميركي يعاود الانعقاد منضوياً في أجواء الانتخابات الرئاسية، وضغوط أوروبية وأميركية على طهران من أجل حل أزمة البرنامج النووي الإيراني...موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. أوروبا حائرة "هل بمقدور أوروبا التوصل إلى اتفاق اقتصادي؟"... هكذا تساءلت "واشنطن بوست" في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، مشيرة إلى أن الناخبين الأوروبيين وجهوا صفعة قوية وأيضاً غير متوقعة لسياسات التقشف التي تسببت في مزيد من البؤس في شتى أرجاء القارة العجوز، في وقت فشلت في علاج ما تعانيه من أزمة ديون وتراجع في قيمة العملة الأوروبية الموحدة. ففي فرنسا رفض الناخبون يوم الأحد الماضي، منح ساركوزي فترة رئاسية جديدة، وصوتوا لصالح فرانسوا هولاند، وفي اليونان، تقول الصحيفة إن حزبي "الوسط" عوقبا لصالح المتطرفين في"اليمين" و"اليسار"، بما فيهم "النازيون الجدد". والنتيجة من وراء كل هذا أن ثمة دعوة من فرنسا وحلفائها في جنوب أوروبا لإعادة النظر في الاتفاقيات المالية التي بمقتضاها خفضت معظم الدول الأوروبية معدلات إنفاقها ورفعت من قيمة الضرائب، وهناك إصرار يوناني على تسهيل شروط إنقاذها من أزمتها المالية. الصحيفة ترى أن رفض التقشف ليس خبراً سيئاً، فمعظم خبراء الاقتصاد اعترفوا بأن إجراءات التقشف الصارمة فشلت في تخفيض الديون أو إحياء الثقة لدى المستثمرين في الاقتصاد اليوناني أو الإسباني أو في بلدان أوروبية أخرى. وحتى المستشارة الألمانية، اعترفت الآن بالحاجة إلى "اتفاق بشأن النمو" من خلاله يمكن بث الأمل في عملية التعافي الاقتصادي. ومع تسلم الرئيس الفرنسي الجديد مقاليد السلطة في فرنسا، ثمة فرصة للتفاوض وسد الفجوة بين سياسة ألمانيا الرامية إلى التقشف، وبين أجندة فرنسا المتمثلة في انتهاج سياسة توسع نقدي. ولسوء الحظ، من غير المحتمل أن يتم سد الفجوة، فالمستشارة الألمانية، تركز على إصلاحات هيكلية كتلك التي طبقتها الحكومة الألمانية قبل عقد من الزمان وتضمنت تحرير سوق العمل. لكن الرئيس الفرنسي الجديد أبدى عدم اهتمام بالإصلاحات الألمانية ويتبنى خطة للإنفاق وزيادة الضرائب على الدخل وتخفيض سن التقاعد من 62 إلى 60 وتشغيل 60 ألف مدرس. وتستنتج الصحيفة أن صعود الأحزاب المتطرفة في اليونان ينذر بتهديدات سياسية يتمخض عنها الوضع الراهن في القارة العجوز. وفي فرنسا صوت 30 في المئة من الناخبين في الجولة الأولى للأحزاب المتطرفة، وفي ألمانيا نجد أن "حزب القرصان" ازداد قوة...وباتت الانطباعات السائدة هي رفض اتحاد قائم على عملة موحدة وانفتاح نسبي على الهجرة والتجارة، وهذا يجب أن يدعو قادة أوروبا إلى السير في طريق موثوق فيه للنهوض الاقتصادي. خروج ساركوزي يوم الأحد الماضي، نشرت "نيويورك تايمز" افتتاحية رصدت خلالها نتائج الانتخابات الفرنسية قائلة إن ساركوزي خسر في الجولة الثانية، لأنه فقد أصوات "اليمين" بسبب تقلبات في نمط حياته، وخسر أيضاً أصوات "اليسار" بسبب سياسته الخاصة بالمهاجرين، لكن الصحيفة تعزي هزيمة ساركوزي إلى سياسات التقشف التي طرحتها ألمانيا وتبنتها فرنسا كعلاج للأزمة المالية. الناخبون في فرنسا واليونان اختاروا يوم الأحد الماضي إسقاط الأحزاب التي سبق وأن وافقت مطلع العام الجاري على حزمة الإنقاذ المالي التي مولتها ألمانيا بـ71 مليار دولار، مقابل تخفيض للنفقات يكبل النمو الاقتصادي. الصحيفة نوهت لما تصفه بـ"جانب مظلم" يصعب تجاهله في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، فلأول مرة تفوز مجموعة ترفع شعارات نازية وتنتمي لليمين المتطرف تطلق على نفسها "الفجر الذهبي" بـ21 مقعداً في البرلمان الألماني. وحتى الآن يبدو أنه لا توجد مؤشرات على استعداد المستشارة الألمانية للاعتراف بلا جدوي سياسة التقشف، وهي تصر على موقفها المتمثل في أن سياسة التقشف التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته غير قابلة للتفاوض. سباق داخل الكونجرس في تقريرهما المنشور أول من أمس بـ"لوس أنجلوس تايمز"، وتحت عنوان "الكونجرس يعاود القتال من أجل الرئاسة"، خرجت "كاتلين هينسيب وليسا ماسكارو" باستنتاج مفاده أن النزاعات القائمة حول قروض طلاب الجامعات والضرائب ومعدل الإنفاق العام تُشكل ما يشبه معارك بالوكالة تأتي ضمن حملات أوباما ومنافسه "الجمهوري" ميت رومني. التقرير لفت الانتباه إلى أن أعضاء الكونجرس يعودون هذا الأسبوع إلى مبنى "الكابيتول"، وأصوات المشرعين لن تحقق الكثير تجاه القضايا المهمة التي تواجه الولايات المتحدة، لكنها ستدشن سياقات تساعد كلاً من الرئيس الأميركي ومنافسه "الجمهوري" على فهم ما يدور في مخيلة الناخبين. وحسب التقرير، يسعى "الديمقراطيون" إلى وضع "الجمهوريين" في صورة الأغنياء الذين يأتون على حساب الطبقة الوسطى، بينما يستخدم "الجمهوريون" التعثر الاقتصادي وقانون الرعاية الصحية الذي تبناه أوباما ضمن أمثلة تدلل على فشل ما يعرف بـ"الحكومة الكبيرة". وثمة معركة الآن على أسعار الفائدة المقترحة لقروض طلاب الجامعات، والتي من المرتقب التصويت عليها بمجلس الشيوخ، "الديمقراطيون" يرغبون في تخفيض أسعار الفائدة على هذه القروض وفرض ضرائب في المقابل على الأغنياء، فيما يعارض "الجمهوريون" المسألة ويطرحون اقتراحاً مفاده تحويل أموال من مخصصات الرعاية الصحية لتمويل هذه القروض. لكن أوباما ورومني راغبان في الإبقاء على سعر فائدة منخفض لقروض الطلاب، ومع ذلك يبدو أن البحث عن حلول توافقية لم يعد ضمن أولويات كلا الحزبين، فالبيت الأبيض وحلفاؤه داخل الكونجرس يرون أن تلك القروض معركة يعتقد مستشارو أوباما أنهم سيربحوها. وثمة مبادرة داخل الكونجرس ينوي أوباما تفعيلها تتعلق الوظائف. وعلى الكونجرس أن يقرر قبل 15 مايو كيف يتصرف مع أزمة الميزانية التي يعاني منها "البريد الأميركي"، وخلال هذا الصيف سيكون على الكونجرس أن ينحي الخلافات والتباينات الفكرية والفلسفية بين أعضائه، للاتفاق على حجم الحكومة الفيدرالية ومن ثم الاستعداد لسنة مالية جديدة في الأول من أكتوبر المقبل. ربما يعتقد الأميركيون أن الكونجرس لا يفعل شيئاً، لكن يبدو أن ساسة "كابيتول هيل" وجدوا ضالتهم في شيء يستطيعون عمله جيداً ألا وهو: تدشين واجهة لإبراز القضايا المهيمنة على الحملات الانتخابية للمرشحين الرئاسيين. ضغط أوروبي أميركي خصص "ريك جلادستون" تقريره المنشور في "نيويورك تايمز" الاثنين الماضي، لرصد مستجدات الموقفين الأوروبي والأميركي من أزمة إيران النووية. وضمن هذا الإطار، طرحت واشنطن تحذيراً يتعارض مع أجواء التفاؤل التي سادت خلال الآونة الأخيرة والمتعلقة باستمرار برامج تخصيب اليورانيوم الإيرانية، أميركا دعت إلى "خطوات عملية عاجلة"، تثبت من خلالها إيران التزامها بحظر الانتشار النووي. أما الأوروبيون، فكانوا مباشرين أكثر من الأميركيين، حيث طالبوا طهران بتعليق عمليات التخصيب، ،هذا مطلب تقول إيران وأنها لن تلتزم به. التصريحات الأميركية والأوروبية تم إطلاقها أثناء مؤتمر دولي لحظر الانتشار النووي عُقد في العاصمة النمساوية فينيا. وحسب "جلادستون" تأتي هذه التصريحات في إطار ما يمكن تسميته تموضعاً دبلوماسياً قبيل انعقاد الجولة المقبلة من المفاوضات المعنية بتخصيب اليورانيوم المقرر عقدها في بغداد. إعداد: طه حسيب