يُعدّ قطار الإمارات واحداً من المشروعات العملاقة التي يتوقع أن تسهم بدرجة كبيرة في دعم الاقتصاد الوطني في المجالات كافة، فهذا المشروع الذي تعتزم "شركة الاتحاد للقطارات" بدء تنفيذ المرحلة الأولى منه، التي تشمل خطوط شاه وحبشان والرويس قبل يونيو المقبل، يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة وقيادتنا الرشيدة لهذه النوعيّة من المشروعات التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة. إن أهميّة هذا المشروع لا تنبع من كونه يهدف إلى تطوير نظام نقل بري متميز فحسب، ولكن لأنه يأخذ في اعتباره التخطيط للمستقبل أيضاً، بمراعاته متطلبات النمو الاقتصادي، والاحتياجات المستقبلية للزيادة السكانية، والتوسّع العمراني المتوقع في مختلف إمارات الدولة، خاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن مدن الدّولة المختلفة تشهد نموّاً كبيراً على الصعيد التجاري والصناعي والسياحي، وفي مجالات عدّة أخرى، ولا يمكن لأي من هذه القطاعات أن ينهض بأنشطته من دون بنية مواصلات داخليّة تحتية قوية وحديثة تستطيع تلبية احتياجات النموّ في هذه المجالات. كما أن هذا المشروع سيسهم في توفير الآلاف من فرص العمل أمام المواطنين، للانخراط في مختلف مراحل تشغيله، فالمشروع في حاجة كبيرة إلى مهندسين وعمال ومشرفين وغيرهم، ممّن سيتولون الجهد الإداري والفني المرتبط بتشغيل شبكة السكك الحديدية. والمردود الاقتصادي للمشروع لا يتوقف عند هذا الحد فقط، بل من المتوقع أن يسهم بشكل كبير في تعزيز فرص التجارة البينيّة والخارجيّة، فعلى الصعيد الداخلي، فإن ربط إمارات الدولة المختلفة بشبكة متطوّرة من المواصلات من شأنه تعزيز بيئة التجارة ونموها بين هذه الإمارات. وعلى الصعيد الخارجي، سيضاعف المشروع من عملية التبادل التجاري مع باقي دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية"، خاصة في ظل ما هو مخطط له من ربط قطار الإمارات بشبكة السكك الحديدية السعودية، من خلال مدينة الغويفات غرباً، وبسلطنة عُمان عبر مدينة العين شرقاً، وذلك تمهيداً لتنفيذ المشروع الذي سيربط دول "مجلس التعاون" بخطوط القطارات، بعد أن تم الاتفاق على الجوانب الفنيّة والهندسية لهذا الربط، الذي من المتوقع تحقيقه عام 2018. علاوة على ما سبق، ينطوي المشروع على مردود مجتمعي مهم، حيث سيحقق لشريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين العاملين في مناطق بعيدة سرعة التنقل بين أماكن عملهم وأماكن إقامتهم، وهذا من شأنه حلّ مشكلة المواصلات، التي أصبحت ملمحاً تشترك فيه العديد من مدن الدولة المختلفة، فلا تخلو مدينة من ظاهرة الازدحام المروري أو حوادث الطرق، أي أن المشروع بهذا المعنى يوفر الكثير من الجهد والمال والأمان للمواطنين والمقيمين على حدّ سواء، خاصة في ظل التقديرات التي تشير إلى أن ظاهرَتي الازدحام والحوادث المرورية تكلّفان الدولة مليارات الدراهم سنويّاً، بسبب ما يترتب عليهما من تأخر في نقل البضائع، واستهلاك الوقود بشكل كبير، وإعادة صيانة الطرق. إن قطار الإمارات، وما ينطوي عليه من جدوى اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة، يؤكد بوضوح أن القيادة الحكيمة في دولة الإمارات تمتلك رؤية متكاملة للتنمية الشاملة والمستدامة، تستهدف من ورائها النهوض بالإنسان الإماراتي، وتنميته، ورفع مستوى معيشته، وتوفير مقوّمات العيش الكريم له، باعتباره الثروة الحقيقية لهذا الوطن. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.