يمثل التعليم والتدريب المهني البوابة الأساسية التي يمكن للكوادر البشرية المواطنة أن تعبرها لكي تتمكّن من المشاركة بفاعلية في تحقيق أهداف المجتمع الإماراتي الساعي إلى التنمية الشاملة والمستدامة، فالتعليم والتدريب المهني هو القناة التي يمكن للمواطنين من خلالها تحصيل الخبرات العلمية والمهنية وتعلّم المهارات التي تمكّنهم بداية من المنافسة بقوة في أسواق العمل، وزيادة إمكانات فوزهم بفرص العمل التي تتطلّب مهارات وخبرات من نوع خاص، لا تتوافر إلا لفئة محدودة من الباحثين عن عمل، سواء من بين المواطنين، أو من بين الكوادر البشريّة الوافدة، بل إن هذا النوع من التعليم والتدريب من شأنه أن يرفع قدرات الكوادر البشرية المواطنة على المنافسة بقوّة في أسواق العمل الإقليمية والعالمية، وبالتالي يزيد من حظوظها في تحقيق تطلّعاتها وطموحاتها المهنية، ورفع سقف غاياتها، خصوصاً أنه ينقلها من سوق عمل وطنيّة تتسم بالمحدودية (مهما كانت ديناميكيتها وحيويّتها) إلى سوق عمل عالمية رحبة وشديدة الاتساع والتغيّر والديناميكية والتنوّع. ويتسق الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات للتعليم والتدريب المهني مع كلّ من أهميته ودوره المذكورَين آنفاً، بل إن اهتمامها بهذا النوع من التعليم والتدريب يزداد بشدة في ظل المساعي الحثيثة التي تبذلها في إطار برامج التوطين، الساعية إلى توظيف الكوادر البشرية المواطنة جميعها في الأعمال التي تحقّق لهم طموحاتهم من ناحية، وتكفل من ناحية أخرى أن يكون توظيفهم في الأعمال التي تلبّي متطلبات المرحلة التنموية التي تمرّ بها البلاد، في إطار مسيرتها الطويلة نحو التنمية الشاملة والمستدامة. في خضم الاهتمام المتزايد بالتعليم والتدريب المهني في دولة الإمارات، من المتوقّع أن تنمو الاستثمارات الخاصة والحكومية بنسب تتراوح ما بين 40 في المئة و60 في المئة على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، وذلك كما ورد في توقّعات مجموعة من الخبراء والمسؤولين في القطاع ضمن استطلاع الرأي الذي أجرته جريدة "الرؤية الاقتصادية" على هامش "معرض العين للتوظيف والتعليم"، الذي عقد مؤخراً في مدينة العين، وتدلّل هذه التوقعات على أن هناك توجّهاً عاماً لدى الدولة إلى الاستمرار في دعم ذلك النوع من التعليم والتدريب، وعدم ادّخار الجهد والمال من أجل تطويره بالكمّ والكيف، اللذين يسمحان للكوادر البشرية المواطنة جميعها بالحصول على نصيبها منه في الوقت المناسب ومن دون قصور. إن التأسيس لقطاع فاعل وكفؤ من التعليم والتدريب المهنيّ يظل مشروطاً بوجود استراتيجيات شاملة وطويلة الأمد موجّهة خصيصاً إلى هذا الغرض، تدمجه بشكل متناغم في العمل التنموي الشامل في المجتمع كلّه، وتتفاعل بشكل مرن مع المستجدات لتكون قادرة على تلبية الاحتياجات المتغيّرة لسوق العمل، التي تتغير بدورها استجابة لمتطلبات المرحلة التنموية التي يمر بها ذلك المجتمع، ولعل الوفاء بهذا الشرط هو ما تحرص عليه دولة الإمارات في عملها في هذا الشأن، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من خلال أن العمل الوطنيّ في مجال التعليم والتدريب المهني ليس إلا جزءاً من العمل التنموي الشامل في الدولة، الذي يسير وفقاً لاستراتيجيات وخطط ورؤى مستقبلية طويلة الأمد، مثل "استراتيجية الإمارات-2021"، و"رؤية أبوظبي- 2030"، وهو من ناحية أخرى دليل على استمرارية العمل الوطني في النهوض بالتعليم والتدريب المهني بشكل مستمر لمواكبة المستجدات على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية