الانتخابات المبكرة... مأزق نتنياهو وثمار العقوبات الإعلان عن انتخابات إسرائيلية مبكرة، والأجواء الإيجابية للمفاوضات حول الملف النووي الإيراني، ومحاولة خنق حرية التعبير في إسرائيل، ثم دعوة السياسيين في الدولة العبرية إلى تحسين معيشة المواطنين... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. الانتخابات الإسرائيلية تطرقت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة إلى الانتخابات المبكرة في إسرائيل، والمقرر تنظيمها أواخر فصل الصيف المقبل، مرحبةً بهذا التطور في الحياة السياسية الذي قد ينهي فصلاً سيئاً، كما تقول الصحيفة، في السياسة الإسرائيلية التي هيمنت عليها طيلة السنوات الماضية حكومة ائتلاف يميني أدخلت البلاد في متاهات داخلية وعزلة دولية، رغم أن المؤشرات لا تذهب في اتجاه صعود تحالف جديد، بل تشير استطلاعات الرأي إلى بقاء نتنياهو في السلطة مع إدخال بعض التعديلات على ائتلافه الحكومي، فهذا الأخير الذي تسيطر عليه اليوم مجموعة من الأحزاب ذات التوجه اليميني القومي مثل "الليكود" نفسه الذي يترأسه نتنياهو، وحزب "إسرائيل بيتنا" الذي يتزعمه وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان، وأحزاب يمينية أخرى ذات توجه ديني على غرار حزب "شاس" وغيره من الأحزاب الصغيرة. وأي تغير في التحالف اليميني قد يسقط أحد تلك الأحزاب المتطرفة يعتبر "تطوراً إيجابياً" في نظر الصحيفة. فقد دخلت إسرائيل تحت حكم نتنياهو في مأزق دولي بسبب فشلها في إحياء المفاوضات مع الفلسطينيين حول قضايا الحل النهائي، وتراجع أفق الدولتين لمصلحة دولة ثنائية القومية من شأنها القضاء على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية! هذا بالإضافة إلى فرض عزلة دولية على إسرائيل التي باتت في أعين المجتمع الدولي مسؤولة عن تعطيل عملية السلام. وإذا كان نتنياهو قد نجح في صرف أنظار العالم عن القضية الفلسطينية، والتركيز على البرنامج النووي الإيراني الذي بات يتصدر الأجندة الدولية، فإنه فشل داخلياً في وقف الانحياز السافر للمستوطنين والتودد لهم وإطلاق أيديهم. وتأمل الصحيفة في أن تقطع الفترة القصيرة للحملة الانتخابية الطريق أمام اليمين السياسي وتضع حداً لتودده للمستوطنين بحثاً عن الأصوات الانتخابية. تنازلات إيرانية في مقال نشرته "هآرتس" يوم أمس الجمعة تناول الصحفي "ديفيد باتريكاراكوس" التطورات الأخيرة في الملف النووي الإيراني بعد المفاوضات التي استضافتها إسطنبول في 14 أبريل الماضي وانتهت بالاتفاق على جولة ثانية من المفاوضات. ومع أن مباحثات إسطنبول لم تسفر عن اختراق جوهري في الملف النووي، فإن جميع الأطراف خرجت بانطباعات إيجابية مردها، كما يقول الكاتب، نجاح الغرب في دفع إيران إلى مراجعة مواقفها. فالكاتب يرى أن ما يميز الدبلوماسية الناجحة ليس الاستراتيجية أو الذكاء، بقدر ما يميزها الإصرار على إيصال الرسالة نفسها مهما طال الزمن، وهو ما قام به في التعامل مع إيران. فمنذ انكشاف البرنامج النووي السري لإيران على أيدي منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة -وهناك من يقول "الموساد" الإسرائيلي- قبل عشر سنوات، والغرب لم يتزحزح قط عن موقفه الداعي ليس إلى وقف التخصيب، بل إلى منع امتلاك إيران للسلاح النووي ما دام هذا الأخير هو بيت القصيد، أما التخصيب، يقول الكاتب، فيمكن التعامل معه من خلال المراقبة الدولية الصارمة. ورغم فشل إدارة بوش في التسويق لفكرة تغيير النظام في إيران، فقد استطاعت إدارة أوباما في المقابل أن تضيق الخناق الاقتصادي على النظام الإيراني ودفعه إلى التراجع. لقد أدركت الولايات المتحدة أن العقوبات الأممية لن تؤتي أكلها بسبب عدم تعاون روسيا والصين اللتين تقيمان اعتباراً أكبر لمصالحهما التجارية، لذا لجأت واشنطن وباقي العواصم الأوروبية إلى استهداف القطاع الاقتصادي الأهم والمتمثل في النفط كونه يشكل نسبة 80 في المئة من مداخيل الحكومة، كما استهدفت القطاع المالي. وأمام هذا الإصرار الغربي من جهة، وتصدع الجبهة الداخلية الإيرانية من جهة أخرى، لم يبقَ أمام نظام الجمهورية الإسلامية سوى المسارعة إلى تقديم تنازلات سيُكشف عن تفاصيلها في المرحلة المقبلة. قانون داجان انتقدت "جيروزاليم بوست" في افتتاحيتها خلال الأسبوع الماضي مشروع قانون مطروح للنقاش في الساحة الإسرائيلية يعرف باسم "قانون داجان"، ويرمي إلى منع المسؤولين الأمنيين السابقين من الإدلاء بتصريحات في القضايا العامة دون حصول على إذن مسبق من وزارة الدفاع، وذلك حتى لا تصدر تعليقات غير مسؤولة، حسب واضعي القانون، قد تهدد أمن إسرائيل. لكن الصحيفة التي تنتقد هذا القانون لأن إقراره سيؤدي إلى خنق حرية التعبير في إسرائيل وضرب النقاش العام... تتطرق لخلفياته وأسباب نزوله. فقد أدلى في الأيام الأخيرة رئيس جهاز "الشاباك"، يوفال ديسكين، بتصريحات جرئية انتقد فيها نتنياهو، ووزير دفاعه إيهود باراك، لخداعهما الرأي العام الإسرائيلي فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني. فقد اعتبر المسؤول الأمني السابق أن التهديد بضرب إيران وتسويق الفكرة للإسرائيليين، ينطوي على خداع واضح بسبب تغييب الحديث عن الأخطار التي تصل حد الكارثة، وهي التصريحات التي تضاف إلى ما قاله رئيس "الموساد" السابق، مير داجان الذي انتقد هو الآخر فكرة ضرب إيران، محذراً من تداعياتها الخطيرة على إسرائيل. هذه التصريحات المنتقدة للحكومة، وإن كانت تنطوي على بعد سياسي، ترى الصحيفة أن سمعة الرجلين الأمنية والخدمات التي قدماها لإسرائيل لا يرقى إليها الشك أو المساءلة، وأنه مهما كانت تطلعاتهما الشخصية من وراء التصريحات التي تؤثر على الساحة الداخلية، فإنه في جميع الأحوال يتعين الإصغاء إليهما بالنظر إلى خبرتهما السابقة في مجال الأمن القومي واطلاعهما على أسرار الدولة والملف النووي الإيراني، ولا يجوز بأي حال من الأحوال، تقول الصحيفة، تكميم أفواه المسؤولين السابقين بدعوى عدم الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة لأن من يقرر في النهاية هو الرأي العام وليس السياسي الموجود في السلطة. رسالة مفتوحة وجه الصحفي والمعلق السياسي، "ليات بهر"، رسالة مفتوحة إلى السياسيين الإسرائيليين على صفحات "يديعوت أحرنوت" يوم أمس الجمعة، وذلك مع اقتراب بدء الحملة الانتخابية للسياسيين والأحزاب بعدما أعلن عن انتخابات مبكرة في إسرائيل. ولأن الموسم الانتخابي يمتلئ بالوعود الكبيرة، فقد قرر الكاتب توجيه رسالة يصارح فيها السياسيين بمطالب الرأي العام والتي على رأسها تحسين المستوى المعيشي للمواطنين في إسرائيل والخروج من حالة التخبط الاقتصادي التي عبر عنها عشرات الآلاف من المحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع قبل أشهر تنديداً بالأوضاع المتردية التي باتت تعيشها الطبقة الوسطى في إسرائيل. كما يدعو الكاتب إلى التعامل مع الجميع على قدم المساواة، إذ لا يعقل، يقول الكاتب، إيلاء العناية والاهتمام بفئة معينة من الشعب، محيلاً إلى جماعة المستوطنين والمتدينين المعفيين من الخدمة العسكرية، وإهمال باقي الفئات التي تتحمل العبء الأكبر، هذا بالإضافة إلى محاربة الفساد الذي بدأت رائحته تزكم الأنوف. وفي إطار هذه المطالب يثير الكاتب الانتباه إلى التضخم في إسرائيل وارتفاع تكاليف المعيشة، مشيراً إلى أن المنتوجات الإسرائيلية التي تباع في أميركا الشمالية هي أرخص منها في إسرائيل، داعياً إلى فتح المنافسة أمام الجميع لتقليل الكلفة وزيادة الإنتاج. ثم يقول إن ما يريده الإسرائيليون ليس دولة الخدمات الاجتماعية السخية، كما في بعض البلدان الأوروبية، بل يريدون العمل والإنتاج على أن تكون الكلفة أرخص والمنافسة أعلى. إعداد: زهير الكساب