قرأت مقال الدكتور السيد ولد أباه المنشور هنا تحت عنوان: "الفكر العربي والمأزق التأويلي"، وأرى أن تلك الفقرة التي تقول إن: "الأفق التأويلي هو موطن الضعف في الفكر العربي ومظهر قصوره رغم حيويته النقدية العالية"، قد أصابت كبد الحقيقة، لأن كثيراً من مظاهر فشل وقصور الفكر العربي المعاصر سببه هو اختلاف التأويلات وأشكال الفهم للإشكاليات الأساسية المطروحة على الفكر العربي، ومن ورائه على الإنسان العربي المعاصر. فمفاهيم من قبيل النهضة والأصالة والمعاصرة والتقدم والديمقراطية وغيرها يفسرها كل مُنظر بمعنى مختلف عن غيره، ويسعى كل لإقناع الجمهور العريض بأن رؤيته لها هي الحقيقة المطلقة الجامعة المانعة. ومع أن ثراء المعنى والتعدد مفيد عادة، إلا أنه في حالتنا العربية تحول أحياناً كثيرة إلى مصدر من مصادر الاستقطاب الإيديولوجي وافتراق الكلمة. وذات الشيء يصدق أيضاً على افتراق تأويلاتنا لبعض النصوص الدينية، وهو الافتراق الذي أدى أصلاً إلى ظهور المذاهب والفرق. ولاشك أن تعددية التأويل واختلاف الآراء أمر مفيد، ما في ذلك شك، ولكن بشرط أن يكون هنالك معنى موضوعي، يمكن الاحتكام إليه، حتى لا تضيع المفاهيم والحقائق ويحار العقل والفهم في بيداء الوهم. أحمد نصر الدين - تونس