تشير دراسات اليونسكو المنشورة إلى أن نصف لغات العالم مهددة بالانقراض، واللغة العربية وبالرغم من أنها لغة القرآن الكريم الخالد، والذي أعلن الله حفظه في قوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". إلا أن حفظ القرآن الكريم لايقتضي انتشار لغته وحفظها. والدليل عدم فهم الكثير من المسلمين اليوم لمعاني القرآن الكريم، بالرغم من حفظ آلاف الأعاجم للقرآن الكريم، إلا أنهم غير قادرين على فهم جل ما قد حفظوا. ومع تزاحم اللهجات المحلية وتأثير العولمة واللغة الإنجليزية علينا اليوم، فإن لغتنا العربية مهددة بالانقراض، فكيف نحافظ عليها كي نحفظ هويتنا؟ أسئلة طرحتها شخصياً في برنامج خطوة قبل شهر، وختمت البرنامج بمناشدة معالي الأستاذ محمد المر الأديب الإماراتي ورئيس المجلس الوطني الاتحادي كي يتبنى مبادرة للحفاظ على اللغة العربية في مجتمع الإمارات. وكان للقَدَر أمر آخر، فقد أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حزمة مبادرات لتعزيز مكانة اللغة العربية في دولة الإمارات، لأن اللغة العربية أداة رئيسة لتعزيز هويتنا الوطنية. وكعادة سموه، فإن طموحاته ليس لها حدود، وتفوق في الغالب تطلعات المناشدات الهادفة، فقد قرر سموه أن تكون الدولة مركزاً للامتياز للغة العربية، وأمر بميثاق لتعزيز استخدام اللغة العربية في الحياة العامة، إضافة إلى مجلس عالمي استشاري لتطبيق مبادئ الميثاق، وتقرر إنشاء كلية للترجمة ومعهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. قد يستغرب البعض من التركيز على اللغة كأداة لحفظ الهوية الوطنية، لكن أمم الأرض التي تسهم اليوم في صناعة الإبداع وفي نفس الوقت لها ثقافتها الخاصة بها، والتي تم الحفاظ عليها في عالم التواصل الذي لاينقطع، والعولمة التي ركب الكل قطارها، جعلت لغتها الوطنية محوراً أساسياً في نهضتها المعاصرة. من تجربة اليابان أسوق لكم هذا المشهد الذي عشته نظرياً وعملياً ، فبعد الحرب العالمية تم تشكيل لجنة خبراء أميركية لمساعدة الشعب الياباني الذي خسر الحرب للتحول من فكرتة التاريخية إلى عصر جديد يشارك فيه بناء العالم، وقد تم تنفيذ جل الاقتراحات الأميركية لإصلاح التعليم الياباني إلا اقتراح واحد تم رفضه، إنه الاقتراح بإعادة النظر في مناهج اللغة اليابانية وفكرة التدريس بها. وما نراه اليوم من إبداع ياباني، وفي نفس الوقت نكهة ثقافية يابانية هي جزء من العالم لها رونقها الخاص كان بسبب هذا الموقف التاريخي. وقد سألت مسؤولاً عن التعليم في اليابان عن سر تمسك الشعب الياباني بلغته بالرغم من صعوبتها، كان رد ذلك المسؤول علي بسؤال ملخصه ما هي اللغة بالنسبة لك ؟ فقلت له متعمداً وسيلة خطاب وتواصل، لذلك نحن بحاجة الى اللغة الإنجليزية العالمية كي نتطور فقال إن اللغة عندنا وسيلة تفكير وهوية إضافة إلى كونها أداة خطاب، ولو تخلينا عن لغتنا فإننا نتخلى عن جذورنا ولن نكون مثلهم بل تبعاً لهم. آن لنا في دولة الإمارات أن نعيد النظر في فكرة ازدواجية اللغة العربية والإنجليزية في مدارسنا وتحديداً رياض الأطفال، وهل بالإمكان تصميم اختبار مقنن للغة العربية على نمط "التوفل" الإنجليزي ، لا يسمح لخريج من مؤسسات التعليم العالي الحصول على شهادته دون نجاح في هذا الاختبار؟