كل ما فعله نجاد خلال الأسبوع الماضي أنه وضع طبول الحرب على جزيرة أبو موسى، وبقي أن يأتي من يقرعها!? من على أرض عربية أراد نجاد "الاحتفال" بفشل المجتمع الدولي في حماية الشعب السوري وبـ"انتصاره في سوريا". لقد جاءت زيارة نجاد إلى جزيرة أبو موسى المحتلة بعد أن أيقن أن مجلس الأمن الدولي لم يعد قادراً على مساعدة الشعب السوري وإيقاف نظام الأسد عن تقتيل شعبه، وهذا ما تم فعلاً، فقد اكتفى المجلس بإرسال قوات أممية إلى سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار، ما اعتبرته سوريا وحلفاءها انتصاراً لها وهزيمةً للثوار ومن يدعمهم. ولم يجد نجاد أفضل من انتهاكه لأراض عربية للتعبير عن فرحته بهذا الانتصار، وليؤكد أنه يعيش قصص انتصارات متتالية على الأراضي العربية، فبعد العراق وقبله في غزة "حماس" ولبنان واليمن... الآن تمت العملية بنجاح في سوريا، رغم أن المعركة لم تنته بعد، لكن من الواضح أن الجولة الأولى كانت في صالح النظام السوري وحلفائه. ومن على جزيرة أبو موسى العربية المحتلة يوجه نجاد رسالتين للعرب، الأولى أن الدور الآتي على الجزر المحتلة، وأن إيران تستطيع إنهاء القضية بالقوة، وفي نفس الوقت يمكنها التدخل في شؤون الخليج، والرسالة الأخرى مفادها أن إيران أيضاً قادرة على إنهاء أي صراع تخوضه على الأراضي العربية لصالحها.? فقد قال نجاد وهو يدوس على تراب جزيرة أبو موسى كلاماً يجب أن يعرفه كل عربي وأن لا ينساه أبداً، فقد قال: "على من يسمون الخليج الفارسي باسم آخر مراجعة عقولهم والنظر إلى خريطة إيران، ليدركوا مع أي دولة كبرى ومقتدرة يتكلمون"، ثم أضاف: "بعض الحقائق التاريخية واضح مثل الشمس، ولا يمكن إثارة تساؤل بشأنه. في تسمية المناطق ثمة تأثير كبير لثقافتها وحضارتها. وفي الماضي لم تكن هناك أي ثقافة وحضارة باستثناء الحضارة الإيرانية وسمي هذا الخليج بخليج فارس ثم أصبح الخليج الفارسي. الدول التي تحاول مصادرة اسمه لا تملك ثقافة وحضارة لتواجه إيران". وزاد نجاد قائلاً: "في العصور القديمة لم يكن هناك وجود لأي حكومة كبيرة في المنطقة، مثل حكومة إيران، وكانت كل الثقافات تحت حاكميتها، وعلى هذا كانت تسمية الخليج الفارسي".? هذا الكلام الذي ينضح بالقومية الفارسية وبالعنصرية المقيتة وبإلغاء الآخر، ليس موجهاً إلى الإمارات ودول الخليج وإنما لكل العرب، بحضارتهم العربية الإسلامية العريقة التي وصلت إلى الصين شرقاً والأندلس غرباً.? من فوق أرض عربية يرسل نجاد رسالته للعرب في تصرف ينم عن التحدي والاستكبار، واعتباره مجرد فعل لصرف أنظار الإيرانيين عن الداخل لم يعد مقنعاً، وإن كان فيه جزء كبير من الحقيقة، فلم يكن ما قاله وما قام به نجاد من على جزيرة أبو موسى المحتلة تصريحاً عادياً أو عرضياً، فقد كان استدعاءً للحرب وقرعاً لطبولها، كما أن الإساءات التي تضمنتها كلمته، والتي كانت موجهة للعرب من على أرضهم المحتلة تستحق موقفاً عربياً شاملاً وليس إماراتياً فقط.? على العرب أن لا يتركوا الإمارات تواجه التعنت الإيراني بمفردها، فالمسألة أكبر من جزر ثلاث احتلها النظام الإيراني السابق وأكد على احتلالها النظام الإيراني "الإسلامي" الحالي، إنها قضية صراع قومي وحضاري -وليس مذهبياً كما يعتقد البعض- فالعقدة الفارسية لا تزال تحرك النظام الإيراني الذي لا يريد حلاً لقضية الجزر المحتلة، ولا يريد إعادتها إلى الإمارات، وفي نفس الوقت لن يسعى لإنهاء الاحتلال بالطرق السلمية. فأفضل وضع لهذه الجزر بالنسبة للنظام الإيراني أن تبقى محل نزاع وصراع ومساومات سياسية على الدوام! تصرف النظام الإيراني وإقدام نجاد على هذه الخطوة الاستفزازية والعدائية بزيارته أبوموسى المحتلة في هذا التوقيت والإعلان عن تنظيم رحلات سياحية إليها، لا يدل إلا على سوء نية وتعمد لإثارة المشكلات، لاسيما أن هناك اتفاقاً إماراتياً إيرانياً منذ أشهر طويلة بالتهدئة وعدم التصعيد من أجل الوصول إلى حل لهذا الاحتلال، فما بالنا بزيارة نجاد شخصياً لتكون أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني لهذه الجزر. وما يؤكد عدائية هذا التصرف هو أن دول الخليج كانت الجدار المنيع الذي جعل الغرب يتردد في شن حرب على إيران، وبدل أن تقدر إيران هذا الموقف، فإنها تأتي بهذا التصرف الذي لا علاقة له بحسن الجوار ولا الاحترام بين الدول.? إيران تدرك أنها عندما تصعد موقفها تجاه الجزر المحتلة إلى هذا المستوى فإن الإمارات ستتجه إلى مجلس الأمن وهذا ما تم فعلاً، وإيران تدرك أنها إذا أرادت فرض الأمر الواقع بالقوة، فإن الإمارات ودول الخليج لن تقف متفرجة، فستتدخل في الأمر عسكرياً، وإيران تعرف أنه إذا اندلعت مواجهة أو كادت فإن دول الخليج ستستعين بحلفائها الذين ترتبط معهم باتفاقيات دفاعية وأمنية وسيكون تدخل أجنبي في مياه الخليج العربي لحماية تدفق 40 في المئة من الطاقة التي يحتاجها العالم والتي ينبغي أن تمر بأمان من الخليج العربي. إيران تعرف كل ذلك ولا تسعى أن توقف حدوثه! لأنها ببساطة لا تستطيع العيش إلا وسط الصراعات، ومن أجل ذلك تحتل جزر جيرانها وهي تعرف أنها لو ذهبت إلى محكمة العدل الدولية فإن القضية ستحل لكنها لا تريدها أن تنتهي.? دعم قضية الجزر الإماراتية المحتلة وإنهاء احتلالها لا يكون إلا من خلال موقف خليجي موحد ومشترك ومن خلال موقف عربي واضح للضغط على إيران من أجل إيقاف استفزازاتها وإنهاء هذا الاحتلال. فاستدعاء السفراء الإيرانيين في كل دول الخليج والدول العربية كان أضعف الإيمان، خصوصاً أنه مضى أسبوع على تلك الزيارة المشؤومة ولا يزال المسؤولون الإيرانيون يرفضون التراجع أو الاعتذار عما بدر منهم، بل يزيدون في التطاول والتهجم على كل من يقف مع الحق الإماراتي. فهل نتوقع موقفاً عملياً من العرب؟