تضع دولة الإمارات بناء اقتصاد المعرفة ضمن الأولويات الأساسية التي تسعى إلى إدراكها، ولا تدّخر جهداً من أجل إدراك هذه الغاية، وقد عملت الدولة طوال العقود الماضية على تبني طرق الإنتاج المتطوّرة، وتوطين التكنولوجيا في مختلف مجالات العمل والإنتاج، الخدمية منها وغير الخدمية، كما تسعى الدولة إلى تعميم استخدام التكنولوجيا بين جميع فئات المجتمع، ولذلك فقد عمدت الدولة إلى مدّ البنى التحتية المتطورة والبني التكنولوجية إلى مختلف المناطق، القريبة منها والبعيدة على حد سواء، وقد تبنت الدولة مبادرات الحكومة الإلكترونية منذ سنوات عدة، فنفذت العديد من المشروعات لتنفيذ هذه المبادرات على المستويات المحلية والاتحادية، واستطاعت بالفعل أن تحقق نجاحات كبيرة في هذا الشأن، حتى أصبح بمقدور المواطن أن يحصل على العديد من الخدمات الحكومية من خلال الأدوات التكنولوجية وعبر شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت". وقد أدى هذا التطوّر المهم بالطبع إلى تغييرات مهمة في أسلوب الحياة داخل دولة الإمارات، فلم يعد المواطن ملزماً الذهاب بنفسه إلى الجهات الحكومية المسؤولة عن تقديم الخدمات لكي يحصل منها على ما يريد، ما خفف بالطبع من حجم الضغوط المالية أو المعنوية التي كان يتكبّدها المواطن من أجل الحصول على تلك الخدمات في السابق، كالتفرغ لبعض الوقت وتحمّل مشاقّ الانتقال، ناهيك عن بقية تأثيرات ذلك الانتقال، وقد استفادت الجهات الحكومية بدورها من هذا التطوّر، حيث تقلص حجم الضغط اليومي على موظفيها وعلى مواردها التشغيلية، حيث تقلص عدد المراجعين بنسب ملحوظة، بالتالي فقد أصبح بمقدور الجهات نفسها تخفيض التكاليف التشغيلية، وتوجيه جزء أكبر من نفقاتها إلى الأنشطة المتعلقة بالبحث والتطوير وصيانة المرافق والنهوض بالحالة العامة للخدمات والمرافق التي تقدمها للمواطنين. وتماشيّاً مع هذا التطور فقد أصبح استخدام التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للمواطن، فزادت قدرته على التعامل مع هذه التكنولوجيات وتوظيفها لخدمة متطلباته اليومية بداية وتطوير قدراته الإنتاجية وكفاءته في أداء مهامه الوظيفية كجزء من المؤسسات التي يعمل فيها، وهو ما أدّى بالطبع إلى تسهيل مهام تلك المؤسسات، سواء كانت حكومية أو خاصة في عملية توطين التكنولوجيا واستخدامها في أنشطتها اليومية، وصبّ هذا كله في نهاية المطاف في اتجاه زيادة كفاءة الأداء وتحسين جودة المنتجات الخاصة بتلك المؤسسات، ومن ثم تحسين مستويات الأداء بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني على المستويات المحلية وعلى المستوى الاتحادي بشكل عام. وتدلل هذه المعطيات المهمة على أن دولة الإمارات قد قطعت شوطاً مهمّاً على طريق توطين التكنولوجيا، ومن ثم على طريق بناء مجتمع المعرفة، وهذه المعطيات بدورها تدلل على أن النجاح الاستثنائي الذي حققته الدولة في تطوير الحكومة الإلكترونية، قد لعب دور البنية التحتية أو الأرضية الصلبة التي بنيت عليها النهضة التكنولوجية والمعرفية التي شهدها المجتمع على مدار سنوات، كما أن الخطط المستقبلية للدولة والقاضية بالمضي قدماً في استكمال مشروع الحكومة الإلكترونية خصوصاً على المستوى الاتحادي، من خلال إنفاق ما يقدّر بنحو 150 مليون درهم حتى عام 2014، تدلل بدورها على أن الحكومة الإلكترونية ستظل هي المحرك الرئيسي لعملية توطين التكنولوجيا وبناء مجتمع المعرفة بالدولة في المستقبل المنظور وغير المنظور. ــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.