Foreign Policy حروب سرية وفك ارتباط قضايا دولية عديدة تضمنها العدد الأخير من دورية Foreign Policy التي تصدر كل شهرين عن مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، فتحت عنوان "حروب أوباما السرية"، تناول تقريرها الرئيسي موضوعاً ينطوي على قدر كبير من المفارقة: فرغم أن أوباما قد حصل على جائزة نوبل للسلام "تثميناً لجهوده الاستثنائية في تعزيز السلام والتعاون بين الشعوب"، فالحقائق تثبت أنه سعى خلال السنوات القليلة الماضية لممارسة الحرب في أفغانستان وإن بوسائل أخرى، حيث باتت الحملة العسكرية الأميركية في ذلك البلد تختلط فيها الحدود بين "التدميرية" و"المشروعية" نظراً لاعتمادها على العمليات التي تتم بطائرات تطير دون طيار، والتي أوقعت خسائر كبيرة بـ"طالبان"، لكنها أوقعت خسائر فادحة بالمدنيين الأفغان الأبرياء. وقد امتدت هذه الحرب إلى منطقة القبائل في باكستان، وشملت أنشطة أخرى ضد ناشطي الحركات المشتقة من "القاعدة" في منطقة القرن الأفريقي، بحيث يمكن في النهاية النظر إلى سنوات أوباما على أنها سنوات توسع في الحرب وليست سنوات سلام. وتحت عنوان "فك الارتباط: الروابط التي لم تعد تربط"، يقول بيتر باسيل إنه رغم كون الاقتصاد العالمي قد ازداد ترابطاً في العقود الأخيرة وبات أي تغيير في أي قطاع منه يؤثر على باقي القطاعات، وبدا أن الاقتصاد العالمي سوف يمضي في طريقه نحو مزيد من الاندماج والارتباط، فإن ما حدث منذ تفجر الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت العالم، هو أن اقتصادات الدول الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل، واصلت النمو رغم الكساد الذي ضرب اقتصادات الدول الكبرى، ما يعني أن تلك الدول الصاعدة باتت خارج الدائرة الاقتصادية العالمية، كما أصبحت تؤمن بأنه إذا ما كانت هناك قيود سوف تقيدها مقابل بقائها في تلك الدائرة فليس ثمة ما يحول دون الفكاك منها. "السياسة الدولية": تحولات العالم في العدد الأخير من فصلية "السياسة الدولية"، نطالع ملفاً بعنوان: "عام 2012: التحولات الانتقالية المؤثرة في تشكيل مستقبل النظام العالمي"، وقد تضمن دراسات حملت العناوين التالية: "موجة السخط... زلزال استراتيجي يضرب أركان العالم"، "الواقع الافتراضي: الانعكاسات السياسية والاقتصادية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات"، "العجز الديمقراطي: أزمة النظم السياسية الليبرالية في العالم الجديد"، "الكساد الثاني: الاقتصاد العالمي من الأزمة إلى الركود"، "الانهيار الممنوع: مستقبل القطاع المالي العالمي"، "المعادلات الجديدة... تحولات موازين القوى في النظام الدولي"، "عولمة الأقاليم: الترتيبات عبر الإقليمية من الأمن إلى الاقتصاد"، "مخاطر مباشرة: مستقبل السياسات الدفاعية في العالم"، "المليارات السبعة: التداعيات الاقتصادية والسياسية للقضية السكانية". وكما يوضح الملف فقد بدأ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بداية درامية بوقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ومنذ ذلك الحين، توالت التدخلات العسكرية الخارجية للولايات المتحدة التي خاضت حربين طويلتين في كل من العراق وأفغانستان. وبعد مرور عشر سنوات، نجحت الولايات المتحدة في اغتيال زعيم "القاعدة"، لكن هيمنتها على مؤسسات النظام الدولي كانت قد تراجعت، وقدرتها على التأثير في مجريات النظام الدولي قد وهنت، وظهر جلياً أن النظام الدولي ينتقل من حال إلى حال، وأن هناك أدواراً عديدة على خريطة النظام الدولي قد أصبح لها تأثير ملموس في تفاعلاته وعلاقاته. وفي التحليل الأخير، كما توضح دراسات الملف، فإننا إزاء عالم يتحول، ستسفر عنه حقائق جديدة تسود واقعاً مختلفاً، لا تملك أطرافه إلا التكيف معه. فهناك مؤشرات على تغير الأطراف الفاعلة في النظام الدولي، وتبدل لموازين القوى، وانقلاب في نمط التفاعلات والعلاقات. بل ربما نشهد انتهاءً للحقبة الأميركية التي سادت العالم طويلاً، وقد تحل محلها حقبة آسيوية شرقية، أو غير ذلك، وهذا ما ستكشف عنه السنوات القادمة.