تتمتع دولة الإمارات ببنية تحتية وتكنولوجية، وبيئة أعمال، ومنظومة تشريعية وتنظيمية، تؤهلها لتكون مركزاً للتجارة العالمية، فهذه المميزات تجعل منها بيئة خصبة لممارسة جميع الأنشطة والأعمال المرتبطة بقطاع التجارة، بشقيه الداخلي والخارجي، فالسوق المحلي لدولة الإمارات يتمتع بدرجة عالية من الديناميكية في ظل حالة الازدهار الاقتصادي التي تعيشها البلاد بالتوازي مع النمو السكاني وتحسّن مستويات المعيشة، وهي العوامل الثلاثة التي يمكن اعتبارها وقوداً محركاً للأنشطة والأعمال التجارية، وداعماً لنموها وازدهارها، ولعلّ تكامل هذه العوامل مع ما تتمتع به الدولة من بنىً تحتية وتكنولوجية وأطر تشريعية وتنظيمية مرنة هو ما جعل دولة الإمارات وجهة مفضلة بالنسبة إلى الاستثمار في الأنشطة التجارية الراغبة في الوصول إلى الأسواق الإقليمية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل إنها استطاعت بفضل إمكاناتها تلك أن تقوم بدور حلقة الوصل بين الأسواق الإقليمية من ناحية والأسواق العالمية من ناحية أخرى، ما أدّى إلى تحول الدولة إلى مركز مهمّ للتجارة العالمية. وهذا المعنى بالتحديد هو ما أكده باسكال لامي، الأمين العام لـ"منظمة التجارة العالمية"، مؤخراً على هامش لقائه في مقر المنظمة في جنيف الوفد الإماراتي، الذي رأسته معالي الشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية، وهو التوجه الذي لم يقتصر على الأمين العام للمنظمة فقط، بل إن مداخلات الممثلين للدول في أثناء المناقشات التي أجريت في اجتماع المراجعة الدورية للسياسة التجارية الإماراتية، الذي أجرته المنظمة، قد أبرزت أن هناك اهتماماً ورغبة دولية في الانفتاح والشراكة التجارية مع الدولة، حيث أكد العديد من المشاركين في الاجتماع أن دولة الإمارات تعدّ شريكاً تجارياً مهماً لدولهم، وأنها تحتل المراتب الأولى في علاقات هذه الدول مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتتماشى فحوى هذه التصريحات والتأكيدات مع الأداء الحالي لقطاع التجارة الخارجية لدولة الإمارات، حيث يشهد هذا القطاع نموّاً مطرداً من عام إلى آخر، وقد فاقت معدلات نموّه تلك المعدلات التي نمت بها التجارة العالمية بشكل عام، حتى إنها تمكنت من العودة إلى مستويات ما قبل "الأزمة المالية العالمية" وتخطيها، وهو ما يشير إلى الموقع الذي تحتله الدولة على خريطة التجارة العالمية. وتأتي أنشطة إعادة التصدير لتعطي مؤشراً أكثر دلالة في هذا الشأن، حيث نمت هذه الأنشطة في الدولة على مدار السنوات الخمس المنتهية في عام 2010، وفقاً لما أعلنته وزارة التجارة الخارجية، بما يقدّر بنحو 94,5 في المئة، أي أنها تضاعفت تقريباً، ما ساعد الدولة على اعتلاء ترتيب الدول العربية كأكبر مركز لعمليات إعادة التصدير، وأكد أن الدولة قد أصبحت بالفعل هي البوابة بالنسبة إلى الأسواق العربية أيضاً، ولعل نمو أنشطة إعادة التصدير بهذا النهج أيضاً هو ما وضع الدولة في المرتبة السادسة بين مراكز إعادة التصدير الكبرى في العالم، ما يعطي دلالة واضحة على المكانة التي باتت تحتلها الدولة كمركز تجاري عالمي، وحلقة وصل بين الأسواق، ومعبر للسلع والخدمات من الشمال إلى الجنوب والعكس، ومن الشرق إلى الغرب والعكس أيضاً. ـــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.