استطاع الاقتصاد الإماراتي، على مدار العامين الماضيين، أن يعود إلى أدائه الإيجابي، محققاً قدراً من المكاسب مكنه من تعويض معظم الخسائر التي تعرّض لها في المراحل الأولى من "الأزمة المالية العالمية"، ومن أهم الملامح الإيجابية التي يمكن رصدها في هذا الشأن النمو الإيجابي في حجم الناتج المحلي الإجمالي، الذي تحقق في عام 2010، ومن ثم تضاعف هذا النمو خلال عام 2011، ليكون الاقتصاد أرضيّة صلبة من الأداء المستقر والمتصاعد بوتيرة مطّردة من عام إلى آخر، ويمكن رصد هذا التحسن ليس في معدلات النمو الاقتصادي فقط، بل إنه اتضح بجلاء في عدد من القطاعات، وعلى رأسها التجارة الخارجية التي عادت إلى مستويات ما قبل "الأزمة المالية العالمية"، بعد أن تمكنت من النمو بمعدلات تقدر بنحو 13,5 في المئة و15 في المئة خلال عامي 2010 و2011 على الترتيب، الأمر الذي مكنها من التغلب على جميع الصعاب التي واجهتها على مدار الفترات الماضية، ويأتي قطاع السياحة أيضاً ضمن القطاعات التي تمكنت من تخطي تلك الصعاب، حيث إن هذا القطاع قد شهد تحسناً واضحاً في مؤشرات أدائه، بداية بعدد السائحين الوافدين إلى البلاد، مروراً بمتوسط نسب الإشغال الفندقي، وصولاً إلى حجم القيمة المضافة التي استطاع القطاع أن يسهم بها كجزء مهم من الناتج المحلي الإجمالي للدولة. ويعدّ القطاع المصرفي بدوره أحد القطاعات التي يمكن استخدامها كمرآة للتعبير عن الأداء الإيجابي الذي تمكن الاقتصاد الوطني الإماراتي من تحقيقه خلال العامين الماضيين، حيث شهد هذا القطاع تحسّناً في العديد من مؤشراته، كقيمة الودائع، ونسبها إلى القروض، وحجم السيولة المتاحة، ومعدلات الجدارة الائتمانية، بخلاف مدى تغطية المخصصات بالنسبة إلى القروض، هذا كله بخلاف معدلات النمو في الأرباح، التي تمكنت المصارف العاملة في الدولة من إدراكها. وتعدّ مؤشرات توليد الوظائف من أهم المؤشرات التي ينظر إليها باعتبارها تعكس الحالة الصحية، التي يبدو عليها اقتصاد أي دولة، ففي حال استطاع اقتصاد الدولة المعنية أن يولد فرص عمل جديدة بأعداد تتناسب مع ظروف المرحلة التنموية التي تمرّ بها الدولة، كما هي الحال بالنسبة إلى دولة الإمارات في الوقت الحالي، فإن ذلك يعد دليلاًً قاطعاً على أن اقتصادها يتمتع بحالة صحية مطمئنة، وأنه يحقق نموّاً إيجابيّاً، ويتمتع بفرص أوسع للنمو والازدهار في المستقبل، خصوصاً أن إيجاد فرص العمل الجديدة لا يتأتى إلا من خلال المزيد من الاستثمارات، وهذه الأخيرة لا تحدث إلا في أجواء اقتصادية مستقرّة ومطمْئنة بالنسبة إلى المستثمرين. إن الحالة الجيدة التي وصل إليها الاقتصاد الإماراتي قد تحققت بعد فترة طويلة من العمل والجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة لتحفيز اقتصادها، ودفعه دفعاً خارج نطاق تهديدات "الأزمة المالية" وتداعياتها، والمؤكّد أن هذه الحالة الجيدة هي في حد ذاتها مؤشر إلى فاعلية السياسات الاقتصادية والمالية التي طبّقتها الدولة على مدار الأعوام الماضية بهدف تحصين اقتصادها ضد موجات "الأزمة المالية العالمية"، وهو بالفعل ما أكده عدد كبير من الخبراء والاقتصاديين والمؤسسات الاقتصادية الدولية على مدار الفترات الماضية، وهو كذلك ما دفع العديد منهم إلى وضع الاقتصاد الإماراتي بين الاقتصادات التي يعول عليها في الإسهام في إنقاذ الاقتصاد العالمي من أزمته الحالية. ــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.