قمة لكبح الإرهاب النووي...واستغلال سياسي لجريمة "تولوز" ما هو المحور الرئيس لقمة الأمن النووي في سيئول؟ وهل يمكن للصين كبح جماح كوريا الشمالية؟ وهل ساركوزي جدير بالاستفادة من حادثة تولوز؟ وكيف يستفيد الروس من بولندا؟ تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. كبح الإرهاب النووي تحت عنوان "كبح الإرهاب النووي"، خصصت "كوريا هيرالد"الكورية الجنوبية افتتاحيتها للتعليق على قمة الأمن النووي المنعقدة في سيئول وتستمر لمدة يومين (26-27 مارس الجاري)...وحسب الصحيفة يشارك في القمة رؤساء 53 دولة إضافة إلى أربع منظمات دولية، بغرض توسيع التعاون في مجال مكافحة الإرهاب النووي. التهديدات بوقوع إرهاب نووي بدأت تطفو على السطح عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لكن الجهود الدولية للتعامل مع هذه التهديدات، ظلت محدودة، إلى أن قام أوباما بتنشيطها، ففي حديث له في براغ عام 2009، طرح أوباما رؤيته لعالم خال من السلاح النووي، وكان كلامه يأتي ضمن مبادرة طرحها أثناء مؤتمر عالمي حول الأمن النووي يهدف إلى التعامل مع إرهاب نووي يتنامى خطره. الرئيس الأميركي لفت الانتباه إلى أن التهديد المتمثل في احتمال اندلاع حرب عالمية نووية قد تراجع منذ نهاية الحرب الباردة، لكن خطر اندلاع هجوم نووي يزداد، لأن النظام الحالي لحظر الانتشار النووي لا يكبح جماح عوامل أخرى وفاعلين آخرين من غير الدول. وللحد من الخطر الذي تشكله المجموعات الإرهابية، تعهد أوباما بتأمين جميع المواد النووية في شتى أرجاء العالم، وذلك في غضون 4 سنوات. ويشار إلى أن أوباما كان قد استضاف قمة الأمن النووي الأولى في واشنطن 2010، ووقتها تمخض عن الجلسة الافتتاحية بيان أو خطة عمل تتضمن 50 مهمة يمكن تفعيلها في 11 مجالاً، ومن المتوقع أن كل البلدان المشاركة ستنفذ هذه المهام بشكل طوعي. قمة سيئول هي الثانية التي تهدف إلى مراجعة وتقييم الذي تم إحرازه في قمة واشنطن، أي منذ عامين، على سبيل المثال، بعض البلدان تخلصت مما لديها من اليورانيوم عال التخصيب. ومع ذلك لا تزال كميات من البلوتونيوم واليورانيوم عال التخصيب غير مُؤمنة، ويُقدر الخبراء أن قرابة 1600 طن من اليورانيوم عال التخصيب و500 طن من البلوتونيوم، مبعثرة حول العالم، وهي كمية تكفي لصناعة 162 ألف سلاح نووي. وتقول الصحيفة إن قمة سيئول ستشجع الدول المشاركة على الحد مما لديها من مخزونات المواد الإنشطارية...ويتعين على القادة المشاركين في القمة، تأكيد التزاماتهم بصورة واضحة من أجل عالم خال من السلاح النووي. الصين وخطر بيونج يانج في مقاله المنشور بـ"جابان تايمز" اليابانية يوم السبت الماضي، وتحت عنوان "على الصين كبح جماح كوريا الشمالية"، استنتج "رالف كوسا" أن "بيونج يانج" تتظاهر بأن ثمة اختلافاً بين إجراء تجارب صاروخية بعيدة المدى، وإطلاق قمر صناعي من خلال استخدام معدات الإطلاق ذاتها المستخدمة في الصاروخ، ليس هناك فرق بين الحالتين، علماً بأن مجلس الأمن الدولي يفرض حظراً على جميع أنشطة بيونج يانج الصاروخية. كوريا الشمالية تقول إنها تخطط لإطلاق قمر صناعي احتفالاً بالعيد المئوي لميلاد "كيم إيل سونج"، لكن كثيرين يتكهنون بأن التناقص الحاصل بين مذكرة التفاهم التي أبرمتها واشنطن مع بيونج يانج، يوم 29 فبراير الماضي، والتي تقضي بوقف التجارب الصاروخية النووية، ما هو إلا إنعكاس لصراع في كوريا الشمالية تدور رحاه بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع وقيادات الحزب الحاكم. الكاتب، وهو رئيس منتدى الباسيفيكي التابع لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن، يرى أنه بدلاً من مواصلة التنبؤ بما قد تقدم عليه كوريا الشمالية، يتعين علينا التفكير في الخطوات التي ينبغي اتخاذها للرد. وضمن هذا الإطار، وصفت كوريا الجنوبية إعلان بيونج يانج عن إطلاق القمر الصناعي، بالخطوة الخطيرة والتصعيدية ضد السلام والاستقرار، لكن المعارضة الكورية الجنوبية ستجد في هذا المشهد فرصة لإلقاء اللوم ليس على ازدواجية بيونج يانج، بل أيضاً على السياسة المتشددة التي تنتهجها حكومة "لي ميونج باك" تجاه كوريا الشمالية. من جانبها وصفت واشنطن الخطوة الكورية الشمالية بالانتهاك المباشر لقرارات مجلس الأمن الدولي، وتهديد للاستقرار الإقليمي، وأنها أيضاً لا تتسق مع ما وافقت عليه بيونج يانج في الآونة الأخيرة، بخصوص منع إطلاق الصواريخ بعيدة المدى. الكاتب يرى أن التصعيد الكوري الشمالي يضع إدارة أوباما أمام مشكلة، خاصة وأنها تحاول إقناع الآخرين بأن المساعدات الغذائية المقدمة لكوريا الشمالية تأتي من أجل اعتبارات إنسانية. الكاتب لفت الانتباه للصين قائلاً: لقد حان الوقت كي تمتنع عن تقوية الشمال، وعلى الأقل بمقدورها إصدار بيان توضح فيه أن أي عملية إطلاق صاروخية تعد انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، وستجعل بيونج يانج عرضة لعقوبات، كما يمكن لبكين التعبير عن استيائها من حليفتها بالسماح للاجئين الكوريين الشماليين بالفرار إلى كوريا الجنوبية بدلاً من العودة لـبيونج يانج ومن ثم التعرض هناك لعقاب شديد. استغلال جريمة تولوز علقت "تورونتو ستار" الكندية، في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي على أصداء استهداف مدرسة يهودية في مدينة تولوز الفرنسية، فتحت عنوان "الرئيس الفرنسي ليس جديراً بالتربح من وراء الإرهاب"، أشارت إلى أنه من المثير للسخرية أن ترتفع أسهم ساركوزي في استطلاعات الرأي بعد حادثة تولوز، فهو ليس جديراً بالاستفادة من هذه المأساة. فقبل استعداده لخوض الجولة من انتخابات الرئاسة الفرنسية، المقرر إجراؤها في 22 أبريل المقبل، يسعى ساركوزي إلى حشد أصوات المعادين للمهاجرين. فهو حذر من أن ثمة عدداً كبيراً جداً من الأجانب في فرنساو واقترح تخفيض عدد المهاجرين إلى النصف، واستغل ما أثير من ضجة حول اللحم الحلال في فرنسا. لكن محمد مراح الذي ارتكب جريمة القتل التي هزت فرنسا ليس أجنبياً بل مواطناً فرنسياً من مواليد تولوز، وهو ليس مهاجراً قدم من الجزائر أو غيرها. بولندا وصحوة الروس يوم أمس، وتحت عنوان "بوتين يبدي ضعفه مع بولندا"، كتب "أليكسي باير" مقالاً في "ذي موسكو تايمز" الروسية، استنتج خلاله أن صحوة الروس ظهرت خلال انتخابات الدوما التي جرت في الرابع من ديسمبر الماضي وما تلاها من نزاعات، لكن أول بداية لترنح نظام بوتين يمكن رصدها قبل 20 شهراً من الآن، وتحديداً خلال إحياء الذكرى السبعين لمذبحة "كاتين"، التي راح ضحيتها 22 ألفاً ما بين ضابط ومثقف بولندي على يد قوات الأمن الستالينية، وظهر هذا الضعف أيضاً عند سقوط طائرة الرئيس البولندي وعلى متنها عدد من أعضاء الحكومة والقيادات العسكرية، وساعتها حدث تقارب بين موسكو ووارسو. الكاتب يرى أن الحكومة الروسية ذهبت بعيداً عندما أعلنت أنها تتحمل المسؤولية عن جرائم الحقبة الستالينية، والتي كانت في السابق تحاول تبريرها. وبالنسبة لحكومة متسلطة مثل الحكومة الروسية، فإنها عندما تتعامل بشيء غير العدوانية تجاه بولندا، فإن هذا يعكس حالة من الضعف، والخوف من مواجهة معارضة ديمقراطية داخل روسيا. وبالعودة إلى ستينيات القرن الماضي، كتب الشاعر "بولات أوكدزافا" أغنية حول العلاقة بين روسيا وبولندا، كان عنوانها "وداعاً بولندا"، وتضمنت إشارات إلى المصير المشترك. وبولندا تعني بالنسبة لكثيرين في روسيا، الغرب، وفي الوقت نفسه تعني المقاومة... فخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لم يقبل البولنديون وقوع بلدهم تحت الاحتلال، وواصلوا تمردهم على الحكم الروسي، على أية حال- كانت بولندا (أيرلندا روسيا). البولنديون علموا نشطاء الديمقراطية في روسيا أن هذه الأخيرة لن تصبح حرة، طالما أنها تواصل قمع بلدان أخرى وتحرمها من الحرية. وتجدر الإشارة إلى أن المعارضين السوفييت طوروا شعاراً بولندياً هو "من أجل الحرية...حريتكم وحريتنا". إعداد: طه حسيب