أعلنت "مؤسسة النقد العربي السعودي"، مؤخراً، أن تأثر اقتصادات دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" بأزمة الديون الأوروبية والاضطرابات التي يمرّ بها الاقتصاد العالمي في المرحلة الراهنة الناجمة في الأساس عن تلك الأزمة الأوروبية هو تأثر محدود للغاية، وأكدت المؤسسة أن للنمو الاقتصادي الجيد والحالة الاقتصادية الصحية التي تبدو عليها دول المجلس الفضل في هذا الشأن، إلى جانب السياسات المالية والمصرفية الفاعلة التي طبّقتها دول المجلس، ومحافظة حكومات تلك الدول على الإنفاق الحكومي عند مستويات مرتفعة، ولاسيّما في قطاعات البنية التحتية والطاقة وغيرها من المشروعات التنموية بما ساعد اقتصادات المنطقة على مواصلة مسيرة النمو، وقد جاء هذا الإعلان من طرف المؤسسة على هامش الاجتماع الرابع والخمسين للجنة محافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية لدول المجلس، الذي عقد مؤخراً في العاصمة السعودية الرياض. وتزامناً مع هذا الإعلان الإيجابي على مستوى دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" فقد أعلنت "وكالة موديز" لخدمات التصنيف الائتماني أن الاقتصاد الإماراتي يمتلك قدرة كبيرة على استيعاب الفجوة التمويلية الناجمة عن تقليص البنوك الأوروبية أنشطتها في المنطقة، والناجمة في الأساس عن أزمة الديون الأوروبية، مبرّرة ذلك بأن الوضع المالي الكلّي لدولة الإمارات هو وضع آمن وعلى درجة كبيرة من المتانة، وأن النظام المصرفي الإماراتي يتمتّع بحالة مستقرّة ويستند إلى أرضية متينة من الجدارة الائتمانية، وهو ما من شأنه من وجهة نظر الوكالة أن يعزّز قدرة المصارف الإماراتية على معالجة فجوات التمويل الناجمة عن تقليص المصارف الأوروبية أنشطتها في المنطقة، على خلفيّة تأثرها بأزمة الدّيون في بلدانها الأم بمنطقة اليورو، إلى جانب حاجة هذه المصارف إلى صيانة قواعدها المالية، وزيادة أحجام رؤوس أموالها تجنّباً لأي احتمالات مستقبلية في تلك الأزمة، أو غيرها من الأزمات. إن شهادة "مؤسسة النقد العربي السعودي" بشأن اقتصادات دول "مجلس التعاون"، وتزامنها مع شهادة "وكالة موديز" بشأن الوضع المالي للاقتصاد الوطني الإماراتي، تدللان على أن الاقتصاد الإماراتي يتمتّع بحالة صحية سليمة على المستويين الوطني والمحلي، وأنه أيضاً يعمل ضمن منظومة اقتصادية إقليمية سليمة قادرة على العمل والحركة دون مشكلات على الرغم من الأوضاع الاقتصادية والمالية غير الآمنة على المستوى العالمي، بسبب أزمة الديون الأوروبية المتصاعدة. ويضاف إلى ما أوردته المؤسستان في هذا الشأن أن الاقتصاد الإماراتي يتميّز بخاصية شبه انفرادية مقارنة بالعديد من دول المنطقة والعالم، فهو يتمتّع بمناخ استثماري على درجة كبيرة من المرونة والجاذبية، في ظل السياسات الاقتصادية والاستثمارية المرنة التي تتبنّاها الدولة والنهج الانفتاحي على العالم الخارجي، إلى جانب أن الاقتصاد الإماراتي قد أصبح دون شك مركزاً للأعمال والتجارة والمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو ما سيكون له دون شك تأثير إيجابي في تدفقات الاستثمار الأجنبية إلى الدولة وضخ المزيد من السيولة لتعوّض التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن أزمة الدّيون الأوروبية. وعطفاً على ذلك فإن المكانة المميزة التي احتلتها دولة الإمارات كوجهة مفضّلة للاستثمارات المصرفية على مستوى المنطقة على مدار السنوات الماضية ستكون كفيلة بجذب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال للقطاع المصرفي الإماراتي، لتجنّبه التهديدات المتعلقة بأزمة الديون الأوروبية. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.