انكشاف متزايد ليهود فرنسا... ولابد من "رحيل الأسد" أصداء الهجوم على مدرسة يهودية في مدينة تولوز الفرنسية، وما تلاه من دعوات لحماية يهود فرنسا، وإعادة التحذير من مسلمي أوروبا، والدعوة لرحيل الأسد، وتوجيه النقد لتل أبيب على عدم الحسم ضد الهجمات الصاروخية على جنوب إسرائيل القادمة من قطاع غزة...موضوعات حضرت بقوة في الصحافة الإسرائيلية هذا الأسبوع. يهود فرنسا تحت عنوان "حماية يهود فرنسا"، خصصت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها يوم أمس لرصد تداعيات حادثة الاعتداء على مدرسة يهودية في مدينة "تولوز" الفرنسية الذي نفذه شاب يدعى "محمد مراح" الفرنسي من أصول جزائرية. الصحيفة استنتجت أن الحادث سيزيد من مخاوف يهود أوروبا، ويؤجج إحساسهم بالانكشاف. وعلى الرغم من أن دافع الشاب الذي فتح النار يوم الاثنين الماضي على أطفال ومعلم في مدرسة "أوزار هاتوراه" لا يزال غير مؤكد إلي الآن، فمما لا شك فيه أنه خرج إلى الشارع من أجل قتل اليهود. حصيلة الهجوم كانت مأساوية، حيث أودى بحياة يوناتان سانديلر-المُعلم القادم من القدس- البالغ من العمر 30 عاماً، وقضى على طفليه، وأجهز على حياه ابنة مديرة المدرسة، وأدى إلى إصابة عشرات آخرين، أحدهم حالته خطيرة. ومن الواضح- والكلام للصحيفة- أن القاتل لا يكره فقط اليهود، بل إثنيات وأقليات دينية أخرى، فخلال الأسبوع الماضي، لقي 3 جنود من أصول أفريقية مصرعهم في حادثي إطلاق نار بمدينة تولوز أيضاً، ما جعل السلطات الفرنسية تربط بين حادث المدرسة واستهداف هؤلاء الجنود، فالقاتل استخدم سلاحاً نارياً من طراز 9 ميلم، وحاول الهرب مستخدماً دراجة نارية. الجالية اليهودية في فرنسا التي يصل عدد أبنائها 500 ألف نسمة، هي ثالث أكبر تجمع لليهود، بعد إسرائيل والولايات المتحدة، وهذه الجالية باتت منذ عام 2000 الأكثر عرضة للعنف ومعاداة السامية، ومعظم الجرائم المرتكبة بحقهم، يقدم عليها مهاجرون عرب رافضون للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين. العنف الذي استهدف يهود فرنسا تصاعد إبان الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة التي استمرت 22 يوماً (في نهاية 2008 وبداية 2009) لمنع "حماس" من إطلاق النار على بلدات الجنوب الإسرائيلي، ويضاف إلى ذلك كره الأجانب و"اليمين" الفرنسي المتطرف كعامل آخر يضعف أمن يهود فرنسا. كما أن حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، تشوبها عناصر كارهة للأجانب، وهذا يوفر أجواء غير مرحبة باليهود أو بالمسلمين. وفي مطلع الشهر الجاري، وعلى الملأ، انتقد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيلون – وهو عضو في حملة ساركوزي الرئاسية- طقوس الذبح، ضمن محاولة لاستمالة "اليمين " الفرنسي وانتزاع أصوات من "مارين لوبن" المرشحة الرئاسية عن "الجبهة الوطنية" المعادية للمهاجرين. وتقول الصحيفة، إنه جراء صعود الإسلاميين واليمين المتطرف المعادي للسامية، فإن يهود فرنسا أصبحوا لا يشعرون بالارتياح. وبعد الهجوم على المدرسة اليهودية في تولوز، دعا "ياكوف كاتز" عضو الكنيست عن حزب "الاتحاد الوطني" اليهود في فرنسا للقدوم إلى إسرائيل، لكن هذا ليس حلاً، إذ يتعين حماية أمن اليهود في فرنسا وفي بقية الدول الأوروبية. من جانبها، رأت هآرتس" في افتتاحية نشرتها يوم أمس، جاءت تحت عنوان بعد حادثة تولوز، يتعين على إسرائيل ألا تعلو صرخاتها بشأن معاداة السامية"، واستنتجت أن توجيه اتهام لدولة صديقة مثل فرنسا بأن معاداة السامية باتت تكتسحها هو أمر يعد امتهاناً للسيادة الفرنسية. كابوس مسلمي أوروبا تحت هذا العنوان، نشر "غاي بيشور" يوم أمس مقالاً في "يديعوت أحرونوت"، توصل خلاله إلى قناعة مفادها أن الأوروبيين مذعورون من اكتشاف أنه يتعين عليهم الدخول في سجال حول الإرهابيين الذين نشأوا داخل أوروبا. الكاتب يقول لطالما تعاملنا مع إرهابيين مسلمين في أوروبا الغربية قادمين من الشرق الأوسط، وهؤلاء ليسوا جزءاً من المجتمع المحلي في البلدان الغربية التي يعيشون فيها. وهؤلاء من السهل مراقبتهم والتنبؤ بنواياهم، وهم في النهاية أجانب. لكن ما العمل عندما يصبح هؤلاء الإهابيون فرنسيين أو مسلمين أوروبيين ولدوا في أوروبا؟ والسؤال هنا: إلى أي مدى يمكن مراقبتهم وكبح أنشطتهم الإرهابية؟ إنها مهمة صعبة، تشكل كابوساً أوروبياً يتنامي، وتجسد خلال الآونة الأخيرة في حادثة تولوز. "لابد أن يرحل" يوم الخميس الماضي، وتحت عنوان "الأسد لابد أن يرحل"، نشرت "يديعوت أحرونوت" مقالاً لوزير الخارجية البريطاني "ويليام هيج"، وفيه قال: مر الآن 12 شهراً على إلقاء السلطات السورية القبض على عشرات من أطفال المدارس في مدينة درعا بسبب كتابتهم على الجدران شعارات معادية للنظام السوري، بعد أسبوع من القاء القبض عليهم، عاد الأطفال إلى ذويهم وقد انتزعت أظافر بعضهم وجرح بعضهم الآخر، علماً أنه خلال السنوات الماضية كان أمثال هؤلاء ضحايا مجهولين لعمليات التعذيب. لكن في 2011 استلهم شباب درعا الأمل من جيرانهم العرب، وانخرطوا في تظاهرات متواصلة حتى الآن في كافة أنحاء سوريا. الآن بات للمشهد السوري ظلال طويلة، وأرقام الضحايا الناجمة عن القمع باتت تفصح عن نفسها، حيث قُتل 7500 سوري حتى الآن من بينهم 380 طفلاً، إضافة إلى اعتقال 10 آلاف آخرين من دون محاكمة. ويقول "هيج" إن بلاده منخرطة في الجهود الدولية الرامية لإنهاء الأزمة، حيث تزعمت لندن الموقف الأوروبي المطالب بفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي للضغط على النظام السوري ومن يساعده في شن حملة القمع. الاتحاد الأوروبي قلص من قدرة النظام على تمويل القمع من خلال منعه من الحصول على عوائد تصدير النفط، وتم استهداف 100 شخصية سورية وتجميد أصولهم وإدراجهم ضمن المحظور سفرهم. ويضيف وزير الخارجية البريطاني أن بلاده تدعم المعارضة السورية سياسياً، وتحثها على الالتفاف حول رؤية موحدة تضمن ديمقراطية سورية وحقوقاً متساوية لجميع المواطنين السوريين. "هيج" اختتم مقاله مستنتجاً التالي: ما تكشّف خلال الأسبوع الماضي من قتل الأطفال والنساء في حمص يبين بوضوح أكثر من ذي قبل أن الأسد فقد شرعيته ولم يعد قادراً على الإدعاء بأنه يقود سوريا. استمرار المشهد كما هو عليه، يوضح أن العنف لن يحقق مكاسب، وأن النظام يزداد ضعفاً. حرب أم ماذا؟ يوم أمس، وتحت عنوان "إذا لم يكن التصعيد في غزة حرباً، فماذا يكون؟"، نشرت "هآرتس" مقالاً لـ"إميل أونجار"، استغرب فيه من أنه كيف للخارج أن يقتنع بموقف إسرائيل المتمثل في أنها لن تتسامح مع أية هجمات تستهدف المدنيين، إذا كان الإسرائيليون يبدون تسامحاً مع تلك الهجمات، وذلك في إشارة إلى الصواريخ التي تشنها حركة الجهاد الإسلامي على جنوب إسرائيل. ودلل على كلامه بتصريحات أطلقها "مايكل أورين" سفير إسرائيل في واشنطن مفادها "أن القبة الحديدية- التي تحمي إسرائيل من الصواريخ- تخفف من حاجة إسرائيل إلى إرسال قواتها إلى قطاع غزة، مضيفاً أن هذه القبة لن تنقذ الأرواح فقط بل ستمنع اندلاع الحروب... لكن إذا كانت إسرائيل- حسب أونجار- ليست في حالة حرب حتى إذا تم استهدافها بـ300 صاروخ مُحسن، فإن كلمة "حرب" ربما تحتاج إلى إعادة تعريف. الكاتب تطرق إلى أن ثمة تبريراً لعدم سحق غزة يتمثل أنه لا يجب أن يصرف ذلك اهتمام تل أبيب عن إيران، وهو ما يراه الكاتب مبرراً خاطئاً. إعداد: طه حسيب