اهتمام إسرائيلي بالقوقاز...وصاروخ بيونج يانج خرق للاتفاق الأميركي إلى أي مدى وصل التنافس بين روسيا من جهة وأميركا وإسرائيل من جهة أخرى على منطقة القوقاز؟ وماذا عن التداعيات المحتملة لإطلاق صاروخ كوري شمالي يحمل قمراً صناعياً؟ وهل ثمة جدوى من الحديث عن سيادة اليونان عند تطبيق الحل الأوروبي لأزمتها المالية؟... تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. إسرائيل في القوقاز في مقاله المنشور يوم أمس بـ"ذي موسكو تايمز" الروسية، وتحت عنوان "صداقة جميلة"، أشار "ريتشارد لوري" إلى أن التوتر المتصاعد حول البرنامج النووي الإيراني، جعل الاهتمام الأميركي والإسرائيلي بمنطقة القوقاز يبرز ويطفو على السطح، وهذا يغذي الارتياب المرضي لدى الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتين، تجاه الجهود الأميركية الرامية للعب دور نشط في منطقة تعتبرها موسكو فناءها الخلفي. بالطبع إيران هي الأكثر قلقاً على المدى القصير، فهي تعتقد أن"الموساد" الإسرائيلي أسس قاعدة له في أذربيجان، التي تقول إيران إنه من خلالها تم التخطيط لاغتيال علماء إيرانيين متخصصين في المجال النووي، علماً بأن 16 في المئة من الإيرانيين المولودين في أذربيجان يستطيعون السفر إلى هذه الجمهورية السوفييتية السابقة من دون تأشيرة. طهران لم تتهم "باكو" بالسماح لعملاء الاستخبارات الإسرائيلية بالعمل بحرية داخل أذريبجان فقط، بل إنها شنت هجمات مضادة، منها محاولة الإغتيال الفاشلة، التي تعرض لها "مايكل لوتيم" السفير الإسرائيلي في باكو. الكاتب، وهو مؤلف السيرة الذاتية لجوزيف ستالين و"زخاروف"، يقول إن أذريبجان وافقت في فبراير الماضي على شراء أسلحة متطورة من إسرائيل بقيمة 1.6 مليار دولار، وتشمل طائرات من دون طيار، وأنظمة مضادة للطائرات والصواريخ، كما أن الميزانية الدفاعية الرسمية لعام 2012 وصلت إلى 1.7 مليار دولار. وحسب الكاتب، فإن مبيعات السلاح لأذريبجان، سواء التي تمت بالفعل أو التي ألغيت، تلعب دوراً محورياً في تطور الأحداث المرتبطة بإيران.وضمن هذا الإطار قد يتوجب توجيه الشكر لروسيا كونها لم تبع لإيران صواريخ S-300 المضادة للطائرات والصواريخ، علماً بأن طهران تعاقدت مع موسكو لإبرام هذه الصفقة عام 2007 بقيمة تناهز المليار دولار، وربما حصلت روسيا مقابل إلغاء الصفقة على مقابل يتمثل في امتناع الأميركيين عن إعادة تسليح جورجيا بعد حرب الأخيرة مع روسيا التي اندلعت عام 2008. ولو كان الإيرانيون حصلوا على الصواريخ الروسية، ففي هذه الحالة سيكون من المتأخر جداً بالنسبة للإسرائيليين أن يشنوا هجوماً على إيران دون الحصول على دعم أميركي. وإذا كان الإيرانيون ينتظرون الحصول على هذه الصفقة، فإن فرصة إسرائيل لشن هجوم على إيران تتراجع مع مرور الوقت. وبخصوص مبيعات السلاح الإسرائيلية لأذريبجان، فهناك من يرى أنه من الصعب ألا يكون ثمة تنسيق بين واشنطن وتل أبيب بشأن أنشطتهما في القوقاز. وبصورة مباشرة أو غير مباشرة يصدم الروس والأميركيين في القوقاز، وضمن هذا الإطار، جددت موسكو إيجارها لتسهيلات عسكرية في أرمينيا لفترة تمتد حتى عام 2044، ومددت استخدامها لتسهيلات مماثلة في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية لمدة 49 عاماً. علماً بأن عقد إيجار محطة "جابالا" للرادار التي كانت روسيا استأجرتها من أذربيجان قد انتهى في ديسمبر الماضي، وكانت قيمته السنوي المدفوعة من قبل موسكو 22 مليون دولار، علماً بأن تلك المحطة كان بمقدورها تعقب الصواريخ الإيرانية. كما أن أذريبجان لديها ممرات وخطوط أنابيب لنقل الغاز تنافس تلك الموجودة لدى روسيا، وهذه الأخيرة تجد صعوبة في فرض إرادتها بمنطقة القوقاز. ويلفت "لوري" الانتباه إلى أن المساعدات الأميركية لأذربيجان تصل إلى 2.7 مليون دولار أي تعادل ما تقدمه واشنطن لأرمينيا، وذلك على الرغم من أن اللوبي الأرميني قوي جداً في الولايات المتحدة، بينما اللوبي الأذري يكاد يكون غير موجود. صاروخ أم قمر صناعي؟ هكذا عنونت "كوريا هيرالد" الكورية الجنوبية افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، طارحة تساؤلاً مؤداه: عندما يتم إرسال قمر صناعي إلى الفضاء بواسطة صاروخ بعيد المدى، فهل ذلك يمكن اعتباره إطلاقاً لقمر صناعي أم إطلاقاً لصاروخ؟ هذا السؤال تم طرحه في وقت تستعد فيه كوريا الشمالية، لإطلاق قمر صناعي تم تجهيزه بتقنيات محلية.وذلك ضمن احتفال بيونج يانج بمرور 100 عام على ميلاد الراحل "كيم إيل سونج". الصحيفة تقول: لابد من التعامل مع المسألة كوحدة واحدة لا تتجزأ وليس صاروخاً أو قمراً. فالمحاولة تأتي في إطار التمويه على التجربة الصاروخية، والظهور كما لو كان الأمر تجربة لإطلاق قمر صناعي خلال الفترة من 12-16 أبريل الجاري. كوريا الشمالية تُصر على أن القمر الصناعي مصمم من أجل استخدمات سلمية، وبعبارة أخرى تنكر كوريا الشمالية أنها اختبرت صاروخاً بعيد المدى لأغراض عسكرية، وفي الوقت نفسه ترغب في التأكد من أنها ستواصل الحصول على مساعدات غذائية أميركية سبق الاتفاق بشأنها مع واشنطن. لكن هذه الأخيرة لم تنخدع، حيث اعتبرت أن إطلاق الصاروخ انتهاك للاتفاق الموقع مع كوريا الشمالية، الذي بمقتضاه تحصل بيونج يانج على 240 ألف طن من الغذاء كشرط لتعليق عمليات تخصيب اليورانيوم والامتناع عن إجراء تجارب على صواريخ بعيدة المدى. وحسب الصحيفة، فإنه منذ وقت طويل وكوريا الشمالية تجهز للاحتفال بمئوية "كيم إيل سونج"، واعتبرت المناسبة فرصة لإظهار كوريا الشمالية على أنها بلد قوي يتمتع بالرخاء. بيونج يانج تستعرض قدراتها العسكرية، من خلال إطلاق قمر صناعي على متن صاروخ، بينما تطفئ جوع شعبها بمساعدات غذائية من الخارج. وتشير الصحيفة إلى أن بيونج يانج أجرت تجربة مشابهة في عام 2009، وعلى الرغم من أن التجربة قد تأكد فشلها، زعمت كوريا الشمالية أنها نجحت في وضع القمر في مداره، وساعتها أذاعت أغاني وطنية. وتختتم الصحيفة تعليقها على ما قامت به كوريا الشمالية، بالقول: إن إطلاق قمر صناعي على متن صاروخ احتفالاً بمرور 100 عام على ميلاد "كيم"تهديد للأمن في شمال شرق آسيا، وانتهاك لقرارات مجلس الأمن، وأن على المجتمع الدولي ممارسة ضغوط دبلوماسية على بيونج يانج كي تغير اتجاهها، وضمن هذا الإطار، تستطيع الصين كونها الحليف العسكري الأوحد لكوريا الشمالية لعب دور. معضلة "السيادة" في مقاله المنشور يوم أمس بـ"جابان تايمز" اليابانية، وتحت عنوان "عن أي سيادة تتحدثون"، رأي "خافيير سولانا"أمين عام "الناتو" السابق، والمفوض الأعلى السابق للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أنه على الرغم من المبالغ الضخمة اللازمة لسداد ديون اليونان الخارجية، فإن ثمة احتجاجاً ضد ما يراه البعض "تدخلاً" في سيادة اليونان الوطنية. سولانا يقول: صحيح أنه في مقابل العون الأوروبي الواضح، ستكون قدرة أثينا على التصرف بشكل مستقل محدودة. والسؤال الآن: هل هناك ما يبرر الشكاوى المتعلقة بالتضييق على السيادة اليونانية؟ سولانا يجيب بأن الإفراط في التأكيد على السيادة الوطنية يسفر عن مشكلات خطيرة، ففي نهاية المطاف، فإن أي اتفاق دولي سواء كان سياسياً أم اقتصادياً ينطوي على انتقال وتبادل في السيادة. العون الأوروبي لليونان مثال على اتفاقيات التعاون التي تتفاوض خلالها أطراف متعددة واضعين في الاعتبار مصالح الآخرين. اليونان طلبت العون من بلدان الاتحاد الأوروبي، وهذا الأخير قدم لها المساعدة، فبالإضافة إلى 130 مليار يورو في صورة قروض، (وهو مبالغ يعادل 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لليونان، ثمة 110 مليارات يورو تم إقراضها لليونان في عام 2010، كما تنازل البنك المركزي الأوروبي عن أية عوائد مستحقة له على السندات الحكومية اليونانية. وبغض النظر عما إذا كان هذا النوع من المساعدة هو الأفضل لحل مشكلة اليونان فإن المنطق يقول إن الاتحاد الأوروبي شارك في صياغة هذا الحل. المشاركة مع المجتمع الدولي في نمط حياة يعني وضع الآخرين في الاعتبار، وهذا يتطلب التخلي عند الضرورة عن بعض من السيادة. إعداد: طه حسيب