عقوبات لمنع الحرب... و"هدوء مقابل هدوء"! اتفاق الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، ونوايا إسرائيل تجاه برنامج إيران النووي، والحد من حضور اللغة العربية في إسرائيل... موضوعات من بين أخرى نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الإسرائيلية. "هدنة هشة" صحيفة "جيروزاليم بوست" أفردت افتتاحية عددها ليوم الثلاثاء للتعليق على الهدنة التي تم التوصل إليها بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة تحت وساطة مصرية بعد تفجر القتال بين الجانبين إثر قتل إسرائيل لرئيس لجان المقاومة الشعبية في قطاع غزة زهير القيسي. هدنة أملتها مصالح معظم الأطراف في تجنب التصعيد، تقول الصحيفة، إن أهداف إسرائيل من موجة العنف التي اندلعت الأسبوع الماضي كانت تقتصر على احتواء التداعيات الناتجة عن استهداف القيسي، حسب زعم الصحيفة التي تضيف أن إسرائيل لم تكن لديها أي مصلحة في تصعيد كبير يمكن أن يفضي إلى خسائر مدنية واسعة في غزة، لاسيما بالنظر إلى "سياسة الفلسطينيين المتمثلة في إطلاق قذائف من المراكز السكنية واستعمال المدنيين كدروع بشرية". وفي هذا الصدد تقول الصحيفة إنه رغم أن منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية "القبة الحديدية" المنشورة في أشدود وعسقلان وبيرشيبا، وفّرت حمايةً مهمةً لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين يعيشون ضمن المدى الذي تستطيع الصواريخ الفلسطينية بلوغه، فإن إطالة أمد الحرب تزيد من إمكانية وقوع إصابات إسرائيلية. الصحيفة تقول أيضاً إن مصر لعبت دوراً مهماً في تسهيل وقف إطلاق النار الحالي، حيث قام رئيس المخابرات مراد موافي وشخصيات عسكرية مصرية أخرى بدور وساطة مهم بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة. لكن الهدنة تظل هشة، كما تقول، حيث تم إطلاق عدد من القذائف من غزة على جنوب إسرائيل صباح الثلاثاء، متوقعةً أن تستمر "لجان المقاومة الشعبية" و"الجهاد الإسلامي"، اللذين أظهرا أنهما يمتلكان العديد من القذائف، في التخطيط لهجمات ضد "الكيان الصهيوني". وعلاوة على ذلك، فقد نقلت الصحيفة عن الجنرال عاموس جلعاد، مدير الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الدفاع الإسرائيلية، قوله إن الرسالة التي مررتها إسرائيل عبر مصر هي "الهدوء مقابل الهدوء"، لكنها تحتفظ لنفسها بحق تنفيذ عمليات اغتيال عندما تدعو الضرورة لذلك، وهو ما ينذر بتجدد العنف في أي وقت. ثم ختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن المؤشرات على جولة مقبلة من الصدام بدأت تلوح في الأفق منذ الآن، وبالتوازي مع دخول الهدنة الهشة حيز التنفيذ وشروع أكثر من مليون إسرائيلي في الجنوب في العودة إلى حياتهم الطبيعية. إسرائيل وبرنامج إيران النووي صحيفة "هآريتس" أفادت ضمن عددها أمس الجمعة بأن مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية يعتقدون أن العقوبات الأخيرة التي فرضها الغرب على إيران إنما هي نتيجة للتهديدات التي لوحت بها إسرائيل بشأن شن هجوم أحادي على المنشآت النووية الإيرانية. وآخر هذه العقوبات إعلان "سويفت"، الشبكة العالمية للخدمات المالية، تعليق تعاملها مع 25 بنكاً إيرانياً، ما يعني أن الحكومة الإيرانية ستضطر لإجراء معاملاتها التجارية الدولية نقداً. ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن الجولات الأخيرة من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على إيران، إضافة إلى انضمام دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية إلى جهود الضغط الدولية على طهران، وكذلك خفض الصين لكميات النفط التي تشتريها من إيران... إنما تمثل دليلاً على مخاوف المجتمع الدولي من ضربة عسكرية إسرائيلية. ونقلت عن المسؤول ذاته قوله في هذا الإطار: "هذه ليس عقوبات ضد إيران، بل عقوبات فرضها الغرب من أجل كبح المخططات الإسرائيلية لشن هجوم... ولو أن إسرائيل لم تعلن نيتها شن هجوم، لما حدث أي شيء من هذا". غير أن الصحيفة تقول إن القيادة السياسية الإسرائيلية مازالت منقسمة على نفسها بشأن كيفية الرد على موضوع برنامج إيران النووي، مشيرة في هذا الصدد إلى أن نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك يعتقدان أن العقوبات الدولية لن تفلح في إنهاء "الجهود الإيرانية لتطوير أسلحة نووية"، ويؤيدان هجوماً إسرائيلياً أحادياً؛ هذا في حين أن عدداً معتبراً من المسؤولين الكبار يعارضون مثل هذا الهجوم تحت الظروف الحالية، ويعتقدون أن ثمة وقتاً لرؤية ما إن كانت العقوبات ستأتي أكلها. "الخاسر الأكبر: حماس" تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "يديعوت أحرنوت"ضمن عددها ليوم الأربعاء عموداً للصحفي الإسرائيلي روني شكيد، زعم فيه أن الفائز الأكبر فلسطينياً بعد الإعلان عن الهدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة يوم الثلاثاء هي حركة "الجهاد الإسلامي" التي ترى في الهدنة التي تم التوصل إليها تحت رعاية مصرية انتصاراً لها، مضيفاً أن سكان غزة أيضاً يعتقدون أن "الجهاد الإسلامي" فازت في أحدث جولة من القتال في وقت ازدادت فيه الانتقادات الموجهة لـ"حماس" بسبب عدم انضمامها للقتال. وهكذا، يتابع شكيد؛ أصبحت "الجهاد الإسلامي" قوة كبيرة تهدد هيمنة "حماس"، على الأقل فيما يخص المسائل المتعلقة بالصراع ومقاومة إسرائيل. ويقول الكاتب إن "حماس"، وخلافاً لـ"الجهاد الإسلامي" أو "لجان المقاومة الشعبية"، هي منظمة ترغب في السلطة؛ ولذلك، فقد قرر قادتها في غزة وفي الخارج تشجيع الهدنة هذه المرة. هذا في حين تعرض "الجهاد الإسلامي" و"لجان المقاومة الشعبية" إيديولوجيا جد بسيطة، ألا وهي: الحرب على إسرائيل. ونتيجة لذلك، يخلص الكاتب إلى أن الخاسر الأكبر هي "حماس"، التي يقول إنها ترغب في حكم إسلامي وقيادة السلطة الفلسطينية؛ كما ترغب في نيل شرعية عربية ودولية، لذلك -يتابع كاتب العمود- فإنها تحاول أن تتصرف على نحو مسؤول، وهذا ما يفسر كيف أصبحت "حماس" وسيطاً بين إسرائيل و"الجهاد الإسلامي"، مما دفع سكان غزة إلى القول: "هذه ليست حماس التي نعرف"، على حد زعمه. اللغة العربية في إسرائيل صحيفة "هآرتس" نشرت ضمن عددها أمس الجمعة مقالاً لرون جيرلتز، مدير جمعية تشجيع المساواة المدنية في إسرائيل، استنكر فيه الغياب المتزايد للوحات الإرشادية المكتوبة باللغة العربية في إسرائيل، رغم أن العربية تعتبر لغة رسمية بحكم القانون. واستهل جيرلتز مقاله بسرد قصة مؤلمة عاشها شخصياً حين زار الجناح الجديد الخاص بطب الأطفال في مستشفى هداسا الجامعي بالقدس وصُدم حين وجد اللغة العربية شبه منعدمة في المستشفى رغم أنه يقدم خدماته للعرب واليهود. ويقول الكاتب إن الصورة التي ظلت راسخة في ذهنه هي صورة أم عربية تهيم على وجهها في أروقة المستشفى لا تدري إلى أين تذهب، حاملة رضيعاً موصولاً بأجهزة طبية، حيث كانت تحاول إيجاد مختبر الأشعة وتطلب من الناس المساعدة باللغة العربية لأنها لم تكن تستطيع قراءة اللوحات المكتوبة بالعبرية. لقد وجدتُ المشهد صادماً، يقول الكاتب، مضيفاً أن مستشفى هداسا ليس الوحيد الذي يتجاهل العرب الإسرائيليين للأسف؛ ذلك أنه عندما يتعلق الأمر باللوحات الإرشادية، فإن معظم المباني العامة في إسرائيل، مثل المتاحف والمكاتب الحكومية والمنشآت الرياضية وغيرها، تسمح لنفسها بتجاهل 20 في المئة من السكان الذين هم عرب. ليذهب إلى أن الواقع يشير إلى أن ثمة حرباً على اللغة العربية في إسرائيل اليوم. فرسمياً، تعد العربية واحدة من اللغات الرسمية للبلاد، غير أن الآونة الأخيرة شهدت محاولات للحد من حضورها، ولعل أبلغ مثال في هذا الصدد هو تقديم عضو الكنيسيت أفي ديشتر (من حزب كاديما)، مدعوماً بالعشرات من زملائه في الغرفة، مشروعَ قانون يقضي بإلغاء العربية كلغة "رسمية" في الدولة العبرية. إعداد: محمد وقيف