هل تستطيع مصر الاستفادة من مفهوم الحكم الائتلافي؟ أعتقد أن الجواب هو نعم. فبناءُ ائتلافٍ هو ببساطة، دعوة الأطراف المعارضة لبعضها للمشاركة في السلطة والمسؤولية. وتستخدم العديد من الدول الأوروبية، وكذلك تركيا، هذا النموذج، فما المانع من تبنيه في مصر؟ يثبت المناخ السياسي في مصر حالياً أن البلاد بحاجة لتعاون الأحزاب معاً للتشارك في السلطة والمسؤولية. لقد فازت أحزاب الإسلام السياسي بالأغلبية في مجلس الشعب المُشكّل حديثاً. ومن ناحية أخرى لم تفز الأحزاب الليبرالية واليسارية، لانعدام "استمرارية السياسة". لكن الأحزاب الليبرالية التي لم تنجح بشكل جيد في الانتخابات، تكسب المزيد من القوة لإحداث تشريعات من خلال العمل مع الأحزاب الإسلامية، وهي تحاول أن تكون في وضع أفضل لتحقيق أهدافها التي تشمل دفع عجلة التنمية في مصر. ويتوقع البعض أن يعمل التشارك الائتلافي في السلطة على رعاية علاقات أفضل واجتذاب الدعم الخارجي، خاصة من الغرب. فالإسلاميون في الوقت الحاضر على علاقة جيدة مع الغرب، لكنها هدنة هشة قد تنتهي في أي وقت نتيجة خلافات أيديولوجية. وإذا كانت الجماعات الدينية تسعى إلى تطبيق توجهات إسلامية خلافية نحو القانون المصري مثلاً، فقد تعزل مصر في وقت هي بأشد الحاجة إلى دبلوماسية ذات مصداقية لضمان علاقات جيدة مع الدول الأخرى. قد تكون الحكومة الائتلافية هي ما تحتاجه مصر لإحضار مزيد من أصوات التيار الرئيسي إلى نظامها السياسي، وتهدئة المخاوف الغربية من التطرف الإسلامي في البلاد. وتستطيع بدورها اجتذاب المعونة الأجنبية، إضافة إلى المساعدة في بناء الديمقراطية. وتثبت الفوضى التي رافقت قضية المنظمات غير الحكومية في مصر، أهمية وجود حكومة ائتلافية. فأعضاء الجماعات الدينية، وكذلك مسؤولو النظام العسكري الحاكم، أقل خبرة سياسية ومعرفة بأساليب الدبلوماسية من نظرائهم السياسيين الليبراليين. لقد جرى اعتقال قادة الأحزاب الدينية لعقود عديدة، بينما ركز القادة العسكريون ولمدة طويلة على الجيش فقط، بعكس نظرائهم في تركيا وباكستان حيث ينشط قادة الجيش. لذلك لا عجب في أن السياسيين الليبراليين أكثر انفتاحاً على الغرب، فلديهم خبرة في الدبلوماسية وهم بوضع أفضل لحل قضايا مثل أزمة المنظمات غير الحكومية، التي أوشكت أن تتسبب بقطع العلاقات بين مصر والولايات المتحدة. وسوف يشير البعض إلى أن مصر غير معتادة على مفهوم التحالفات السياسية. كما يشك البعض بأن المجلس العسكري الأعلى، والذي هو في موقف لتعيين الحكومة، سوف يأخذ الحكم الائتلافي بعين الاعتبار. إلا أن فوائد الحكومة الائتلافية تستحق النظر فيها عندما يتعلق الأمر بتنظيم البيت المصري الداخلي. استذكرْت وأنا أكتب هذا المقال منظراً هيمن على الأيام الثمانية عشر التي أدت إلى إسقاط "مبارك" السنة الماضية: متظاهر مسلم محافظ يقف إلى جانب متظاهر قبطي، يهتف الجميع من حولهما: "يد واحدة يد واحدة". هل نستطيع ترجمة هذا الشعار حرفياً وعملياً إلى حكومة ائتلافية؟