يقول المولى سبحانه: "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً"، فمن باب مفهوم الموافقة أنّ الصالح يأتِي عقبه صالحاً، كما أن الخبيث من البشر يغلب على نسله ذات المسلك إلا من رحم ربك. وحريٌ بمن كان زايد الخير رحمه الله تعالى والده ومعلمه وسلفه أن يكون مثله في مسلكه وشبيهه في منهجه، ينهل من ذات المنهل الطيب ويسعى لذات المسعى المحمود، ليس تكلّفاً ولا تصنّعاً، بل هو نهر عذبٌ فرات، لا يمر بأرضٍ جدباء إلا واهتز أديمها بالنبت والزهر. ولئن سمعنا كثيراً عن المناداة بالحريات في كل دول العالم ودندن حولها الإعلام المُسيّس وأجلبَ عليها بخيله ورجله بُغيةَ الاصطياد في المياه العكرة، فإننا نرى خليفة العطاء قد حاز قصب السبق كأبيه رحمه الله تعالى في خلق وضمان بقاء دولةٍ تكفل الحريات العامة في إطار دولة القانون، فالتعددية العقائدية وحريّة التعبد مكفولة للجميع دون تضييق على فئة أو تنغيصٍ على مذهب، فدور العبادة لكل الفئات موجودة في بيئة متسامحة لن ترى لها شبهاً في الغالبية العظمى من دول العالم المتحضر، كما أن حرية الكلمة المسموعة والمقروءة مكفولة طالماً لم تهدد أمن الدولة وسلامتها وسلامة شعبها. ومن قرن حرية التعبير بالترويج لأفكار أحزابٍ مشبوهة الفكر والمسلك والغاية والمرجعية، فهو لا يعدو أن يكون أحد اثنين: إمّا جاهل لا يعي ما ينادي به، أو مُرجف يحمل أجندة سرية ويتحيّن لها الفرص والمناسبات لبث سمومها تحت مسمياتٍ برّاقة لا تنطلي إلا على أشباهه من المتقلبين والمتلونين. والغريب في الأمر أنّ الصراخ الذي أصمّ آذاننا أتى من فئةٍ بعينها ومن حزبٍ كنّا ولا زلنا نعرف منبته ونشأته وتاريخه الدموي وأجندته السرّية، ويكفيهم سوءاً أنهم يدينون بالولاء لرأس ذلك التنظيم مخالفين بذلك إجماع علماء الأمة على بيعة ولي الأمر وحده. وكم كان مؤسفاً أن نرى تلك الحملة المنظمة وبوسائل متعدّدة استغلت هامش الحريّات الواسع لدينا لتُرغي وتُزبِد وتُقلب الحقائق وتُعمّم النادر الشاذ في محاولة فاشلة لتأجيج الرأي العام والذي صُدِم من كل هذا الغِلّ الدفين في صدور هذه الفئة تجاه دولتنا الحبيبة وقيادتها الكريمة. وقد أتى ردّ الفعل الشعبي سريعاً وهادراً بالالتفاف حول قيادته، رافضاً أي فكرٍ دخيل يريد النيل من وحدة الوطن وتماسك بنيانه. وكم كان ملفتاً ذلك الغضب العاصف على أحد تلك الرموز والذي يبدو أنه قد أصابه الغبش فظنّ نفسه الآمر الناهي، يُنذر هذا ويُهدد ذاك! نحن لا نُقدّس أحداً فالتقديس للمولى سبحانه وحده، لكننا لن ولا نساوم على حبّنا لقيادتنا المُحبّة، ولن نقبل بأي حالٍ من الأحوال وتحت أي مسمى بأي مساس من أي بشرٍ كان برموز دولتنا وعلى رأسها صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله تعالى، فنحن شعبٌ ودود إلا إن تجاوز البعض حدود الود لدينا، ونحن شعب متسامح إلا إن ظنّ البعض أن تسامحنا أصبح تساهلاً وتميّعاً في المواقف، فتسامحنا ينتهي عندما تتناوش بعض الأصوات المريضة اسم خليفة العطاء، ولا نكترث كثيراً بالألقاب التي تحملها تلك الأصوات ولا بالعبارات الرنّانة التي ينتقونها في مقالاتهم أو مقابلاتهم، ولا بالمصطلحات الكبيرة التي يُراد بها ليّ الحقائق وتشويه الوقائع، وأن خروجهم من أوكارهم في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الأمة العربية لهو دليل على خبث طويّتهم وتحيّنهم لأي فرصة ليضربوا دولتنا على حين غِرّة، لكن أنّى لهم ذلك: "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". مهره سعيد المهيري