ألقت بيوت الحي الشعبي بظلالها على الشارع الهادئ ولم تترك تشابكاتها لأشعة الشمس سوى فرجة بسيطة يعبر منها الآن عامل عربة "الريكشا" العجوز وهو يسحب وراءه حملاً ثقيلاً نسبيّاً يشمل بائع الدواجن الشاب، وطلبيتين جاهزتين للعرض من الدجاج الأبيض، تم صفهما بانتظام على عمودي سحب العربة، وعمود الربط بين عجلتيها. وفي هذه الأثناء ينشغل الشاب الراكب فيما يبدو أنه مكالمة هاتفية، على نحو ربما أنساه أن من الأوفق والأليق -إنسانيّاً- أن يتولى هو مهمة جر العربة، ويترك الرجل المسن يجلس مكانه! يذكر أن تفشي الفقر الشديد في بعض مناطق الظل وخاصة على هوامش النسيج الحضري الهائل لمدن الهند الكبرى، ما زال يعتبر ثغرة تنموية فادحة في نظر كثير من المراقبين، وخاصة أن الاقتصاد الهندي أنجز قصة صعود مشوقة خلال السنوات الأخيرة الماضية، أصبح معها ضمن القوى العالمية الصاعدة، منافساً بذلك جاره التنين الصيني، الذي تمكن من انتشال مئات الملايين من خانة الفقر ليلتحقوا بالطبقة الوسطى، ما قد يشكل نموذجاً ومحفزاً للفيل الهندي أيضاً. ولو تحقق ذلك فقد تختفي مكابدات خريف العمر التي يتجرعها عامل "الريشكا" هنا، وأمثاله كثيرون. (ا ب).