الجغرافيا قبل التاريخ في السياسة الأسترالية... والطاقة النووية ضرورية هل أدركت أستراليا التغيرات الجيوسياسية في آسيا؟ وماذا عن دروس كارثة فوكوشيما؟ وإلى أي مدى تضرر قطاع الطاقة النووية بهذه الكارثة؟ وما السبب في تراجع صادرات كوريا الجنوبية لدول الاتحاد الأوروبي؟... تساؤلات نضعها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية. مواءمات الصعود في "سيدني مورنينج هيرالد" الأسترالية، خصص "ريتشارد وولكوت" مقاله يوم أمس لتوضيح أبعاد سجال دائر حول سياسة كانبيرا تجاه الصين والولايات المتحدة، فتحت عنوان "كيف يمكن لحليف للولايات المتحدة أن يصبح صديقاً للصين"، أشار "وولكونت" أن الفكرة القائلة بأن أستراليا لا يتعين عليها الاختيار بين تاريخها وجغرافيتها، باتت ساذجة وتندرج ضمن التعبيرات السياسية المبتذلة. الكاتب، وهو وزير شؤون خارجية أسترالي سابق، لديه قناعة يقول فيها "إن تاريخنا هو الماضي، بعضه مشين وبعضه الآخر يبعث على الفخر، لكن مستقبلنا يكمن في جغرافيتنا. "وولكوت" يرى أن أهمية آسيا بالنسبة لأستراليا، وذلك موضوع ليس جديداً وتطرقت إليه حكومات أسترالية متعاقية، لكن الأفعال لا تزال بعيدة عما يطرح من شعارات. الكاتب ينوه إلى تغيرات غير مسبوقة في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق، ويستمر هذا الأمر في المستقبل المنظور. الصين في صعود وكذلك الهند، فيما تتواصل القوة الاقتصادية لليابان وكوريا الجنوبية، واحتمال صعود إندونيسيا وفيتنام. وينصح الكاتب بلاده بأن تقوي علاقاتها بآسيا، من خلال تغيير السيكولوجية الوطنية، وأن يتم التركيز بشكل أكبر على آسيا، بحيث يفوق علاقاتنا التقليدية بالولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا، وأن توازن أستراليا علاقاتها بين كل من الولايات المتحدة والصين، القوة العظمى الصاعدة. وحتى الآن لم تتفاعل أستراليا مع النتائج الإقليمية والعالمية المترتبة على صعود الصين. دروس فوكوشيما في "جابان تايمز" اليابانية، وتحت عنوان "دروس يجب استيعابها بعد كارثة فوكوشيما"، كتب "تاداتيرو كونو" يوم السبت الماضي مقالاً، استنتج خلاله أنه في فترة زمنية تصل قرابة 26 عاماً، أي بعد كارثة تشيرنوبل، والصليب الأحمر لا يزال يلعب دوراً محورياً في مساعدة ورعاية الناجين من الكوارث. الكاتب، وهو رئيس جمعية الصليب الأحمر اليابانية، أشار إلى أن التداعيات الناجمة عن كارثة تشيرنوبيل لا تزال تتكشف، خاصة في ظل انتشار سرطان الغدة الدرقية على نحو وبائي في كل من أوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا الاتحادية. وخلال التسعة عشر عام الماضية، أطلقت جمعية الصليب الأحمر اليابانية برنامجاً لإجراء فحوصات تتعلق بهذا المرض لأكثر من 3 ملايين شخص، وثمة حقيقة مفادها أن 200 حالة من هذا المرض يتم اكتشافها سنوياً، في المناطق التي تضررت من الكارثة، التي لم تصبح منسية فقط، بل وغير مرئية أيضاً. وفي اليابان، وبعد مرور عام على كارثة تسونامي، التي راح ضحيتها 19 ألف نسمة، أبدى اليابانيون رزانة وشجاعة في التعافي من التداعيات، ونحن مدينون لهم بأن دروس المأساة يجب ألا تُترك سدى، إذ ينبغي استيعابها جيداً. ويرى الكاتب أن الصليب الأحمر لديه مهمة أو بالأحرى "واجب" أمام البلدان التي لديها مفاعلات نووية، والتي قد تتعرض لمخاطر مشابهة في المستقبل، واجب يتمثل في تدشين ثقافة الجاهزية، والاستجابة للأزمات والكوارث الطبيعية. "كونو" لفت الانتباه إلى أن جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر اتخذت قراراً بالعمل معاً من أجل الجاهزية في مواجهة الكوارث النووية. وضمن هذا الإطار، قدمت جمعية الصليب الأحمر اليابانية اقتراحاً باستضافة مؤتمر دولي حول الموضوع في مايو المقبل. ويأمل الكاتب في أن يكون المؤتمر بمثابة خريطة طريق، من خلالها يتم تطوير معايير في المستقبل لرصد المخاطر النووية بشكل أكثر وضوحاً، وأن تجد هذه الجمعيات لنفسها دوراً يتعلق بالاستعداد لمواجهة كوارث نووية ناجمة عن أخطاء بشرية. وبالإمكان تشاطر المعلومات وتدشين شبكة عالمية معنية بالمعلومات والخبرات في هذا المجال سواء بعد كارثة فوكوشيما أو تشرينوبل أو "ثري مايل آبلاند". الطاقة النووية ضرورية وتحت عنوان "عام بعد فوكوشيما، الطاقة النووية لا تزال ضرورية"، نشرت "تورونتو ستار" الكندية، يوم السبت الماضي افتتاحية، تطرقت خلالها إلى أصداء كارثة "فوكوشيما"، المجمع النووي الياباني، الذي تضرر جراء تسونامي الذي ضرب اليابان في11 مارس2011. وبعد الكارثة تأهب كثيرون في اليابان وخارجها للتخلص من صناعة الطاقة النووية، والنتيجة أن اليابان أغلقت مفاعلين نووين، وأغلقت ألمانيا، قطاعها الصناعي النووي، وعلقت بلجيكا وإيطاليا وسويسرا مشروعاتها النووية، وربما هذا ما جعل مجلة "الإيكونومست" تعنون أحد موضوعاتها بعبارة "الطاقة النووية: حلم لم يتحقق". الصحيفة تسير عكس هذا الاتجاه، قائلة: لو لم تقع كارثة فوكوشيما، لكان معظم بلدان العالم، خاصة الآسيوية التي تتمتع بمعدلات نمو سريعة- اتجهت نحو الطاقة النووية. وحسب "الهئية النووية العالمية"، فإن أكثر من 60 مفاعلاً تم بناؤها في 15 دولة، معظم هذه المفاعلات في الصين وروسيا والهند وكوريا الجنوبية وأيضاً فيتنام. وعلى حد قول "بيير غادونيكس" رئيس مجلس الطاقة العالمي، فإن "معظم الدول منخرطة الآن في عملية تقييم رشيدة تضم مؤيدي الطاقة النووية ومعارضيها". وحسب الصحيفة، ما وقع في مجمع فوكوشيما النووي كان كارثة، لكن بالإمكان الوقاية منها، حيث لم تتم مراجعة دراسات أساسية حول مخاطر قد تقع في حال تعرض مفاعلات مجمع فوكوشيما لفيضانات، وشركة "تبكو" المالكة للمفاعلات، ارتكبت أخطاء، فهي أجرت دراسات تطرقت خلالها إلى آثار محتملة قد تنجم عن تسونامي، لكنها لم تلتزم بالمعايير الوقائية التي يتعين تطبيقها، والنتيجة وقوع أسواء كارثة نووية منذ تلك التي وقعت في مفاعل تشيرنوبل 1986. الخبر الجيد- والكلام للصحيفة- أن الأخطاء البشرية يمكن تصحيحها، إذا تم اتخاذ خطوات صحيحة، وضمن هذا الإطار، قال اثنان من محللي منحة كارنيجي للسلام الدولي: لو التزمت تبكو ووكالة السلامة النووية بالمعايير العالمية ، لما وقعت الكارثة. أي أن المطلوب كان معلوماً، لكن لم يتم تنفيذه. وحسب الصحيفة، فإن الصين تستثمر في الطاقة النووية، لأن الخيار البديل هو استخدام الفحم، وهذا الأخير يترتب على استهلاكه أضراراً بيئية، وانبعاثات ملوثة وأمراضاً خطيرة. غير أن مكمن القلق الحقيقي الآن هو أن انتشار التقنية النووية لدى عدد كبير من البلدان، قد يجعل من الصعب الإبقاء على معايير دولية دقيقة في الأمان النووي، وهنا يطرح التساؤل التالي نفسه: إذا كانت اليابان البلد المتقدم تعرضت لكارثة، فما بالكم ببلد كفيتنام؟ تراجع الصادرات لفتت "كوريا هيرالد"يوم أمس الانتباه إلى أن صادرات كوريا الجنوبية إلى الاتحاد الأوروبي قد تراجعت، والغريب أن هذا يحدث بعد دخول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين حيز التطبيق، وتحديداً منذ 1 يوليو 2011. وتفسر الصحيفة هذا التراجع بأزمة الديون، التي تعاني منها بلدان الاتحاد الأوروبي. وحسب تقرير أصدرته الجمعية الكورية للتجارة الدولية، فإنه خلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر 2011 شهدت الشحنات التجارية البحرية المتوجهة من كوريا الجنوبية إلى الاتحاد الأوروبي، تراجعاً بنسبة 8.5 في المئة. تجارة الاتحاد الأوروبي عموماً قد شهدت نمواً خلال الفترة ذاتها، بنسبة 7.9 في المئة، لكن الواردات الأوروبية القادمة عبر البحر من كوريا الجنوبية والصين واليابان، قد شهدت تراجعاً، ويبدو أن أزمة الديون الأوروبية تُلقي بظلالها على كوريا الجنوبية. وتقول الصحيفة إن صادرات كوريا الجنوبية إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة من المنتجات التي تم تخفيض تعريفتها الجمركية، أو إلغاء الرسوم عنها، قد ازدادت- خلال الفترة من يوليو وحتى نوفمبر 2011، بنسبة 14.8 في المئة، وحسب الصحيفة فإن المنتجات التي ازداد تصديرها- إلى أوروبا- تتمثل في السيارات الكورية وقطع غيار السيارات والمنتجات البيتروكيماوية وإطارات السيارات، وكلها منتجات يتم تصديرها من دون رسوم جمركية أو بتعرفات مخفّضة. التقرير تطرق إلى الاستثمارات الأوروبية في كوريا الجنوبية، والتي وصلت خلال النصف الثاني من 2011 إلى 2.98 مليار دولار، علماً بأنه بلغت في النصف الأول من العام نفسه 2.05 مليار دولار. وحسب الصحيفة فإن إجمالي استثمارات الاتحاد الأوروبي في كوريا الجنوبية قد بلغ خلال العام الماضي 5.03 مليار دولار، بعدما كان 3.2 مليار دولار في عام 2010. إعداد: طه حسيب