تناولت في مقالات سابقة بعض الأفكار والمقترحات والخرائط التي احتوت عليها خزائن وزارات الخارجية وأجهزة الاستخبارات ومراكز البحوث الأجنبية، حول العالم العربي ومستقبل دوله... وقد تضمنت بعض الطروحات والسيناريوهات لإدارة المنطقة. ومن تلك المشروعات: مشروع برنارد لويس الذي طرحه عام 1988 وهدف من خلاله إلى بلقنة المنطقة العربية وتحويلها إلى دويلات طائفية وعرقية صغيرة والهيمنة على ثرواتها. ومشروع بريجينسكي الذي طرحه في كتابه "بين جيلين" ويتفق مع أهداف لويس، والتي تدور كلها حول إعادة رسم خريطة المنطقة. ثم مخطط آلفن توفلر الذي بحث من خلاله أنماط الصراعات الممكنة في المنطقة وأيها قد يدفع نحو قيام دويلات عرقية وطائفية. وكذلك مشروع جامعة "بار إيلان" الإسرائيلية حول إثارة الأقليات العرقية والطائفية في العالم العربي. وطروحات هنتنجتون المعروفة، وكذلك وفوكوياما. ثم مخطط العميد رالف بيترز في مجلة "القوات المسلحة الأميركية" عام 2006 والمعروف باسم "حدود الدم". والخريطة التي نشرها دوغلاس فايت في كتابه "الحرب والقرار"، والتي أزال منها فلسطين. والدراسة المنشورة عام 2008 لادوارد جوزيف ومايكل هانلون، والتي تدعو إلى تقسيم سلس في العراق انطلاقاً من الدعوة التي أطلقها كيسنجر عام 1975 والرامية إلى تقسيم بلاد الرافدين إلى ثلاث دويلات، ونقل النفط العراقي إلى إسرائيل. هذه الخرائط جميعها تنطلق في أطروحاتها من هدف واحد هو إضعاف مقومات وجود العالم العربي وتقليل مشتركاته، ومصادرة حقه في أن ينهض وأن تشعر شعوبه بالأمن والاستقرار والرفاهية. والمتتبع لأحوال المشهد العربي خلال العقود الثلاثة الماضية، يجد العديد مما طرح في هذه الأجندات السياسية الرامية إلى إعادة تشكيل العالم العربي، وقد تحقق جزئياً بصور أو أخرى. ويمكن الإشارة هنا إلى البيان الخاص حول قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الأميركية والألمانية في مصر والذي نشرته "الأهرام" يوم 11 فبراير2012، وأشار إلى الخرائط المضبوطة لدى بعض هذه المنظمات، وتتضمن تقسيم مصر إلى أربع دويلات هي: القنال، وصعيد مصر، والقاهرة الكبرى، والدلتا، دون ذكر لمنطقة النوبة. وفي معرض شرحه لتلك الخرائط، أشار البيان إلى أنه سبق للسلطات السودانية أيضاً أن ضبطت خرائط لتقسيم السودان قبل أن يحدث التقسيم الفعلي، وذلك في مكتب تابع للمعهد الجمهوري بالخرطوم، حيث تم إغلاق المكتب، لكن حدث التقسيم بالفعل وانفصل الجنوب وأصبح السودان دولتين. وفي تحقيق صحفي نشرته "الأهرام" يوم 14 فبراير 2012، أشارت الدكتورة فايزة أبوالنجا وزيرة الدولة للتعاون الدولي إلى أن التمويل الأجنبي للمنظمات كان يستهدف العمل على إيجاد حالة من الفوضى حتى لا تنهض مصر كدولة حديثة ديمقراطية وذات اقتصاد قوي وقادرة على استعادة دورها الإقليمي والدولي. كما كشفت عن أن مراكز البحوث الأميركية كانت تعمل في هذا الإطار منذ عام 1968 وأن إحدى أدواتها مؤخراً كانت دعم بعض الحركات "الثورية". وسبق لمجلة "رزو اليوسف" أن نشرت في عددها ليوم 8 فبراير 2012 خطة يتم تنفيذها على مدى سبع سنوات تنتهي في عام 2015، وفيها أن واشنطن تسعى منذ فترة إلى افتعال أزمات سياسية ودينية وعرقية داخل مصر، مما يؤدي لانقسام شعبها ويجعل نظامها السياسي عرضة لانتقاد المجتمع الدولي، ومن ثم فرض عقوبات تمهيداً لإجراءات أخرى تالية!