انطلقت مؤخراً فعاليات القافلة الثقافية الأولى لعام 2012، التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع تحت شعار "مجتمعنا أمانة"، في بعض المناطق في مدينة العين بمشاركة 105 جهات حكومية وخاصة، في برنامج شامل ومتنوّع يضم ما يزيد على 92 فعالية، وهذا يعكس ما تتمتع به من ثراء فكري وثقافي ومجتمعي كبير، يجعلها قادرة على تحقيق أهدافها الكبرى، المتمثلة في تعزيز التلاحم المجتمعي بين فئات المجتمع المختلفة. الشعار الذي ترفعه مبادرة القوافل الثقافية لهذا العام "مجتمعنا أمانة" يشير بوضوح إلى أهمية الدور الذي تقوم به في خدمة المجتمع، ومناقشة قضاياه الرئيسية، ولهذا يحرص القائمون على هذه المبادرة على أن تركز أنشطتها وفعالياتها المختلفة على الأنشطة المجتمعية والثقافية والتراثية المرتبطة بالمجتمع المحلي في موقع القافلة، وبما يحقق الشراكة الفعلية في خدمة هذا المجتمع، حيث تبقى القافلة في كل منطقة لمدة يومين يتم خلالها عقد الجلسات الحوارية بين القافلة وأبناء المنطقة، والتعرُّف على طبيعة المشكلات التي تواجههم في المجالات كافة، والمساهمة في إيجاد حلول لها. مبادرة "القوافل الثقافية"، وبما تحتويه من زخم ثقافي ومجتمعي كبير، حيث تجوب مناطق مختلفة داخل الدولة، وتضم العديد من الكتاب والأدباء والفنانين، تحظى بتزايد الإقبال على فعالياتها وأنشطتها، خاصة بعد الترحيب الكبير الذي حظيت به القافلة العامين الماضيين، وهذا يؤكد أهمية الدور الذي تقوم به، فهي من ناحية تسهم في الحفاظ على تراثنا الحضاري، بما يتضمّنه من ثقافات وتقاليد شعبية راسخة يتوارثها الآباء عن الأجداد، فالفعاليات التي تتضمّنها في هذا الشأن تكون من قبيل المسابقات التراثية، حيث يُقام في القافلة الجديدة وللمرة الأولى سباق للهجن برعاية "اتحاد الإمارات لسباق الهجن"، ولاشك في أن مثل هذه الفعاليات تسهم في الحفاظ على الهويّة الوطنية. كما تقوم هذه القوافل بدور مهم في تعميق الشراكة المجتمعية بين العديد من الهيئات والجهات المختلفة داخل الدولة، فبرغم أن هذه المبادرة في الأساس ذات طابع ثقافي وفكري، فإن هذا الحجم الكبير من المؤسسات الحكومية والخاصة، التي تتعاون مع وزارة الثقافة في تنفيذها يعكس في جانب منه المسؤولية المجتمعية لهذه الجهات، التي لا تألو جهداً في الانضمام إلى أي جهد أو نشاط من شأنه تعزيز التلاحم المجتمعي. والمبادرة بهذا المعنى هي ترجمة واضحة للدعوة التي وجهها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله إلى الشعب في مناسبة العيد الوطني الثامن والثلاثين في شهر ديسمبر 2009، إلى التلاحم المجتمعي الذي "يرسّخ قيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي والشراكة المجتمعيّة". التفاعل الكبير مع مبادرة "القوافل الثقافية" من جانب العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة، والحرص على إنجاحها يشيران بوضوح إلى أن الثقافة باتت تحتل أولوية متقدمة لدى الدولة وقيادتنا الرشيدة، لإيمانها الراسخ بأهميتها وبدورها الكبير ليس في تحقيق التنمية بمفهومها الشامل فقط، وإنما أيضاً لدورها في الحفاظ على هويتنا الوطنية من خلال فعالياتها المتنوعة وبرامج التوعية الشاملة التي تقدمها في العديد من المجالات، وتسهم في دعم القيم الثقافية والمجتمعية وتعزيزها.