تحافظ الميزانية الفيدرالية الأميركية لعام 2013، والتي كشف عنها أوباما النقاب أول من أمس الاثنين، على ثبات معدلات التمويل في العام المقبل، لكنها تحد من التمويل المخصص لمهام استكشاف المريخ الروبوتية، وتحّول مخصصات مالية جديدة، لمهام الاستكشاف البشرية وتقنيات الفضاء. ووفقاً لطلب ميزانية 2013 المقدم من البيت الأبيض، ستتلقى وكالة "ناسا" لأبحاث الفضاء 17.7 مليار دولار العام المقبل، أي أقل بمقدار 59 مليون عما تلقته عام 2012. ومع ذلك فسوف تعاني جهود "العلوم الفضائية" لناسا من خصم مقداره 20 في المئة العام المقبل، حيث اكتفى أوباما بتخصيص 1.2 مليار دولار لمهام استكشاف الفضاء غير المأهولة لكوكب المريخ، وغيره من أجسام المنظومة الشمسية. وفي نفس الوقت سوف يزداد التمويل لمهام الاستكشاف البشرية والرحلات الفضائية التجارية بنسبة 6 في المئة لتصبح 3.93 مليار دولار بينما ستحصل تقنية الفضاء على زيادة بنسبة 22 في المئة لتصل 699 مليون دولار. ويقول الخبراء إن تقليص تمويل عمليات استكشاف الكواكب، سوف يجبر "ناسا" على التخلي عن مشروع مهام استكشاف المريخ (اكسبو مارس) الذي كانت تقود العمل فيه "الوكالة الفضائية الأوروبية" سعياً لإرسال مركبة فضائية تدور حول الكوكب الأحمر، بالإضافة لمسبار يحمل حفاراً للهبوط على سطحه عامي 2016 و2018 على التوالي. وكان من المقرر أن توفر "ناسا" صواريخ للمهمتين، وكذلك أجهزة ومعدات أخرى متنوعة. وينظر إلى هاتين المهمتين على أنهما تمثلان خطوتين مهمتين نحو إرسال مهمة لجمع عينات من المريخ والعودة بها لسطح الأرض لتحليلها، وهي مهمة يرى العديد من الخبراء والباحثين أنها تمثل أفضل وسيلة ممكنة للبحث عن أي آثار للحياة على الكوكب الأحمر. وحول ذلك يقول "جون لوجسدان"، خبير السياسات الفضائية، "إن تلك التقليصات المالية سوف تؤثر على برنامج ناسا الفضائي طويل الأمد لاستكشاف المريخ، والمصحوب بمهمة لإعادة العينات التي يتم جمعها من على سطحه للأرض، والذي كان من المفترض أن يكلف مليارات الدولارات". ويشار إلى أن المخصصات المقترحة من البيت الأبيض لوكالة ناسا خلال العام المالي 2013 تمثل أقل من 0.5 في المئة من إجمالي الميزانية الفيدرالية البالغة 3.8 تريليون دولار. ومع ذلك كانت مشروعات أخرى تابعة لناسا أفضل حظاً من المهام المشار إليها في ميزانية 2013 المقدمة من البيت الأبيض. فمشروع "برنامج علوم الأرض" التابع لناسا مثلاً سوف يخُصص له 1.7 مليار دولار، أي أكثر قليلاً من المبلغ الذي خصصه له أوباما في ميزانية 2012. ويضع البيت الأبيض تطوير "تقنية الفضاء" ضمن أولوياته، كما يتبدى من حقيقة أن المبلغ المطلوب لذلك البند في مقترح ميزانية 2013 كان أكبر من العام الذي يسبقه بنسبة 22 في المئة. وجاء في الملخص الذي أعده البيت الأبيض لتوضيح الخطوط الأساسية لمقترحه الخاص بميزانية عام 2013، أن "التزام الإدارة بتعزيز الدور الذي تلعبه ناسا في مجال تطوير تقنية الفضاء يهدف للقيام بالابتكارات الضرورية للمحافظة على الصناعة الفضائية، وتفوقها التقني لسنوات طويلة قادمة". وإلى ذلك يخصص أوباما في مقترح الميزانية 2.9 مليار دولار لـ" الجيل الثاني من نظام النقل الفضائي المأهول" الذي يتكون من صاروخ رفع ثقيل يطلق عليه "نظام الإطلاق الفضائي" (SLS)، بالإضافة للكبسولة الفضائية "مركبة الطاقم المتعددة الأغراض -أوريون". ومهمتا (SLS) و"أوريون" المصممتان لحمل رواد فضاء لمواقع في الفضاء البعيد، مثل الكويكبات أو أشباه الكواكب وكذلك كوكب المريخ، خصص لهما مبلغ 3 مليارات دولار في العام المالي 2012. وتأمل وكالة ناسا أن يكونا في الخدمة الفعلية بحلول عام 2021. ويذكر أن النقل التجاري الفضائي قد حصل على تصويت بالثقة في طلبات ميزانية 2013، كما يتبين من تخصيص أوباما مبلغ 830 مليون دولار لمشروع تطوير الأطقم التجارية الخاص بناسا (CCDev)، وكذلك للجهود التي تبذلها الوكالة لتشجيع شركات الطيران الفضائي الخاصة على البدء في نقل رواد الفضاء من وإلى "المحطة الفضائية الدولية". وتقليص الإنفاق على مهام استكشاف الكواكب يتم جزئياً بغرض المساعدة على توفير التكاليف اللازمة لتصنيع ما يعرف بـ"تيلسكوب جيمس ويب الفضائي" (JWST) وهو عبارة عن مجهر ضخم تصفه ناسا بأنه المشروع الذي سيكون خليفة مشروع" تيلسكوب هابل الفضائي". ومن المعروف أن هذا المشروع قد عانى من بعض التعقيدات المالية والتأجيلات، ففي عام 2001 مثلاً رأت "الأكاديمية الوطنية للعلوم" أن مبلغ مليار دولار سوف يكون كافياً لتصنيع وتشغيل المشروع، في حين أن التقييم الرسمي لتكلفة ذلك المشروع والذي أجرته ناسا تحدث عن 5 مليارات، كما أوضح أن الإطلاق لن يتم قبل عام 2014. أما الآن فقد استقر الرأي على أن التكلفة سوف تكون 8.8 مليار دولار، وأن الإطلاق لن يتم قبل عام 2018 على أقل تقدير. ويشار إلى أن البيت الأبيض قد خصص لمشروع (JWST) مبلغ 628 مليون دولار في ميزانية عام 2013 مقارنة بمبلغ 519 في عام 2012. وقال "لوجسدان" إن "الانتهاء من مشروع المجهر المذكور قد أُُعطي أولوية تفوق تلك الممنوحة للبدء في التكليف بمهام جديدة لاستكشاف المريخ". ------- مايك وول كاتب أميركي متخصص في شؤون العلوم والتقنية ------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"