في مقاله الأخير، وعنوانه "سوريا وخيارات الجامعة العربية"، جاء الدكتور صالح عبدالرحمن المانع على ذكر نقطة بالغة الأهمية في التحليل السياسي والاستراتيجي لمصائر الثورات ومساراتها، وهي النقطة التي قال فيها إنه كلما زادت المناطق التي لا يمكن لسلطة الأسد بسط نفوذها عليها، فإن احتمال بقائه في الحكم سيتراجع بشكل كبير، مما يعطي فرصة أكبر لتقدم المعارضة ولإحداث التغيير المنشود. وقد رأينا مصداق هذه الفكرة في الحالة الليبية حيث كان سقوط مزيد من المناطق والمساحات بأيدي الثوار يضعف القوة المادية والمعنوية للقذافي مرة بعد الأخرى، وكان سقوط بنغازي في الأيام الأولى سبباً في إرباك النظام الذي بدأ يرتبك ويرتكب أخطاء أضرت بوضعه وأضعفته شيئاً فشيئاً إلى أن سقطت آخر معاقله. ومع العلم باختلاف الحالة السورية عن الحالة الليبية، وبتباين الاستراتيجية التي ينتهجها الثوار في الحالتين، فإن الدور المتزايد لـ"الجيش السوري الحر"، واضطرار القوات النظامية لمغادرة بعض الأحياء والمدن أحياناً، يبرر الاستفادة من النموذج الليبي رغم ما لعسكرة الثورات الشعبية من مخاطر وتكاليف باهظة الثمن. كريم عوان -بيروت