خيارات ما بعد "الفيتو" الروسي- الصيني... وشكوك في جدوى ضرب إيران تداعيات الفيتو الروسي- الصيني ضد قرار بمجلس الأمن تجاه الوضع في سوريا، وقلق أميركي من احتمال شن إسرائيل هجوم على إيران، ومخاطر الاستعجال في الانسحاب من أفغانستان، والمكسيك تتجه نحو انتخاب امرأة رئيسة للبلاد...موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة أسبوعية على الصحافة الأميركية. القتل في سوريا تحت هذا العنوان، نشرت "نيويورك تايمز" افتتاحية، رأت خلالها أنه بعد يومين من "الفيتو" الروسي- الصيني في مجلس الأمن ضد قرار يدعو لانتقال سلمي للسلطة في سوريا، يواصل نظام بشار الأسد انغماسه في عمليات القتل. وحسب الصحيفة استخدمت القوات الحكومية يوم الاثنين الماضي الدبابات والمدافع الأوتوماتيكية، لضرب مراكز طبية ومنازل في حمص التي تعد مركزاً رئيسياً للتظاهر. وقد وصل عدد القتلى منذ يوم الجمعة الماضي، إلى 240 شخصاً، لتصبح هذه الفترة هي الأكثر دموية من بين 11 شهراً مرت على الانتفاضة السورية، وأصبحت أيادِ الروس والصينيين ملطخة أيضاً بدماء الشعب السوري البطل. موسكو وبكين اعتبرتا أن القرار الذي يأتي ضمن مبادرة عربية سيوسع نطاق الصراع الدائر في سوريا، وهو منطق تراه الصحيفة فارغاً. والتفسير الحقيقي لموقف روسيا والصين يكمن في أن لديهما حكومات متسلطة تخشى أي حراك شعبي، خاصة بعدما نجح الغرب في الإطاحة بالقذافي، فهما عازمتان على منع الغرب من تحقيق انتصار آخر. ورغم فشل المجلس في إصدار قرار بشأن سوريا، فإن هذه المرة صوّت 13 عضواً في المجلس لصالح القرار بما فيها الهند وجنوب أفريقيا- علماً بأن هاتين الأخيرتين امتنعتا عن التصويت قرار سابق تم طرحه على المجلس في أكتوبر الماضي، ما يؤشر إلى تنامي عزلة سوريا، والشعور بالاشمئزاز الذي ينبغي أن يطال كل الحكومات المسؤولة تجاه وسائل الأسد الدموية. وإذا كانت موسكو وبكين تقفان حجر عثرة في مجلس الأمن، فإن لدى الولايات المتحدة الحق في البحث عن عقوبات جديدة أشد وطأة وتفرض مزيداً من العزلة على سوريا. وضمن هذا الإطار، اقترحت وزيرة الخارجية الأميركية تدشين مجموعة "أصدقاء سوريا الديمقراطية" لدعم المعارضة، والعمل من أجل تحول سياسي ديمقراطي. واشنطن سحبت سفيرها من دمشق، وينبغي على دول أخرى أن تقدم على الخطوة ذاتها، وعلى النخبة العسكرية وطبقة رجال الأعمال إدراك أن الالتصاق بحكومة الأسد خيار خاطىء. وثمة حوار يتنامى في واشنطن وفي مناطق أخرى حول تسليح "الجيش السوري الحر، فمن المفهوم أن كثيراً من السوريين يرغبون في القتال ضد نظام الأسد الدموي، الذي قتل- منذ بداية الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية وإلى الآن- قرابة 6 آلاف نسمة، لكن الخوف من أن يؤدي ذلك القتال إلى اتجاه الأمور نحو الأسوأ. قوات الأسد يصل عددها إلى 200 ألف جندي، وزيادة فرص القتال قد تنتقل عبر الحدود إلى المنطقة لتصبح في هذه الحالة حرباً بالوكالة. روسيا ترفض وقف تصدير السلاح إلى حكومة الأسد، ومن ثم يتعين على واشنطن وحلفائها فضح كل سفينة تشحن أسلحة إلى سوريا. الصحيفة استبقت زيارة وزير الخارجية الروسي إلى دمشق قائلة: إن الرسالة التي يجب أن يحملها ينبغي أن تكون واضحة ألا وهي: حان الوقت لرحيل الأسد. أما إذا اختارت موسكو تمكينه من ارتكاب مزيد من عمليات القتل، فإنها ستجد نفسها وقد أصبحت أكثر عزلة. وفي النهاية العالم يراقب ما يجري. إيران والقلق الأميركي خصصت "ترودي روبين" مقالها المنشور أول من أمس في "فيلاديلفيا إنكوايرر" لرصد ملامح الموقف الأميركي تجاه ضربة إسرائيلية محتملة لمنشآت إيران النووية. الكاتبة تقول إن قادة إسرائيل يصرون على أن الوقت ينفد لأن إيران تحرك تجهيزاتها النووية صوب ملاجئ جبلية، لا يمكن تدميرها من خلال القصف الجوي. وزير الدفاع الإسرائيلي يرى أن برنامج إيران النووي يدخل "مرحلة الحصانة" التي من خلالها يتم العمل فيه دون انقطاع يؤثر على سلامته. إيهود باراك المدافع عن توجيه ضربة عسكرية لإيران، يقول إن تل أبيب يجب أن تفكر في القيام بعملية ما قبل أن يصل البرنامج النووي الإيراني إلى هذه المرحلة. وحسب "روبين"، لا شك أن إسرائيل تفضل قيام الولايات المتحدة بعملية القصف، لكن العواقب ستكون وخيمة، والمكاسب غير مؤكدة، ولن تكون الإدارة الأميركية مستعدة لاتخاذ هذا القرار. غير أن ذلك لن يمنع الإسرائيليين، فهم على عكس الأميركيين، يعتبرون إيران تهديداً وجودياً لهم. الكاتبة تتساءل: ما الذي يجعل الأميركيين قلقين من هجوم إسرائيلي محتمل ربيع العام الجاري على إيران؟ أولاً ثمة اتفاق واسع بين خبراء الأمن في الولايات المتحدة وإسرائيل على ضربة إسرائيلية لن تدمر برنامج إيران النووي، حيث مواقعه منتشرة في أماكن عدة بعضها تحت الأرض، وعلى أحسن تقدير ستؤخر الضربة البرنامج النووي الإيراني عاماً أو عامين، وهذا هو السبب الرئيسي وراء تباينات الآراء لدى خبراء الأمن الإسرائيلي حول الحكمة من الهجوم. ومن ثم لماذا هذه المغامرة الكبرى، إذا كان البرنامج سيتواصل حتى بعد الضربة. ثانياً: عواقب الضربة ستكون وخيمة، فإسرائيل ستغامر وتتعرض لهجمات صاروخية من "حماس" و"حزب الله"، غير أن قصف إيران سيزيد من عزمها على حيازة سلاح نووي كما سيتزايد الدعم الداخلي للنظام الإيراني. على صعيد آخر، فإنه حتى ولو لم تستطع طهران أو لم ترغب في إغلاق مضيق هرمز، فإن أسعار النفط ستزداد، ما يضعف الاقتصاد العالمي. ثالثاً: إذا شنت إسرائيل هجوماً بمفردها على إيران، فإن واشنطن ستتعرض للوم، بسبب إنعكاسات الهجوم على القوات الأميركية في الشرق الأوسط وأفغانستان. وضمن هذا الإطار، قال وزير الدفاع الأميركي: "علينا الاستعداد في هذه الحالة لحماية قواتنا، وهذا سيكون مقلقاً لنا". رابعاً: الضربة العسكرية السابقة لأوانها ستضر بمصالح أميركا وفي الوقت نفسه، ستفشل في تحقيق هدف تل أبيب المتمثل في تدمير البرنامج النووي الإيراني، وربما تضعف التحالف الأميركي- الإسرائيلي. حقائق لا تصريحات تحت عنوان "الحقائق وليس الشعارات هي التي توضح التقدم الأفغاني"، نشرت "دالاس مورنينج نيوز" يوم الأحد الماضي افتتاحية، تساءلت خلالها عما إذا كانت ثمة دلائل كافية على أن أفغانستان تستطيع بمفردها مواجهة المتطرفين الإسلاميين من دون وجود عسكري أميركي قوي؟ الأميركيون- حسب الصحيفة، لم يروا هذه الدلائل، وذلك رغم إعلان إدارة أوباما أن العمليات الحربية ستنتهي في أفغانستان بحلول منتصف 2013 المقبل، وهو موقف تراه الصحيفة متأثراً بأجواء الانتخابات الرئاسية. فأوباما يدرك أن بلاده منهكة، لكن القرارات الرئاسية غالباً ما تقتضي الإقدام على خيارات لا تحظى بشعبية، ولا تجدي في كسب أصوات الناخبين، ومن ثم ينبغي على أوباما وضع مصلحة الولايات المتحدة أولاً، وأن يقنع الأميركيين بأن قراره بخصوص أفغانستان لا يتأثر بأجواء الانتخابات الرئاسية. وعلى حد قول الصحيفة، فإن أوباما ربما تعرض لضغط كي يتخذ قراراً بشأن أفغانستان، فخلال العام الماضي، تعرض أخو الرئيس الأفغاني للاغتيال على يد مقاتلي "طالبان"، والأمر نفسه طال رئيس أفغانستان السابق، كما أن قوات الحكومة الأفغانية، وجهت سلاحها صوب الجنود الأجانب الذين قاموا بتدريبهم، ومنذ عام 2007 إلى الآن وقع 45 هجوماً في البلاد 75 في المئة منهم وقع خلال العامين الماضيين. وحسب تقرير لحلف شمال الأطلسي، لدى مقاتلي "طالبان" اعتقاد بأن لهم اليد الطولى، وحسب دراسة للأمم المتحدة، إزدادت حوادث العنف في أفغانستان بنسبة 40 في المئة مقارنة بعام 2010، كما ازداد عدد القتلى من المدنيين، وهذا يعقد من عملية الانسحاب. رئيسة للمكسيك في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي، وتحت عنوان "سيدة رئيسة للمكسيك"، أشارت "كريستيان ساينس مونيتور"، إلى أن الحزب الحاكم في المكسيك قد رشح "جوزفينا فازجويز موتا" للمنصب الرئاسي، فهل سيكون بمقدورها ضمان سيادة القانون وخوض حرب ضد كارتيلات المخدرات؟ وحسب الصحيفة فأن حزب "الحركة القومية" الحاكم رشح وزيرة التعليم السابقة "جوزفينا موتا"، لخوض الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الأول من يوليو المقبل. ويبدو أن المكسيك ستلحق ببلدان أخرى في أميركا اللاتينية اختارت امرأة لشغل المنصب الرئاسي، وهذا نراه الآن في البرازيل والأرجنتين وكوستاريكا وتشيلي. المكسيك تحتاج إلى مقاتل قوي يحارب الفساد، ويحث الجميع على احترام القانون، فأكثر من نصف المكسيكيين لا يحترمون القانون. جوزفينا وعدت بسجن السياسيين المتعاونين مع عصابات الجريمة المنظمة، وحذرت من مغبة عودة المكسيك لماضيها غير الديمقراطي. إعداد: طه حسيب