جرت الانتخابات الكويتية البرلمانية الخميس الماضي بطريقة حضارية وسلمية دون تسجيل حوادث عنف أو اعتداء، وهو أمر يسجل للكويتيين في وقت يسود العنف فيه انتخابات المنطقة، وفي أجواء كويتية سادها توتر وصدامات وحرق مقر أحد المرشحين قبل الانتخابات، ومحاولة الاعتداء على مرشح آخر أثناء لقاء تلفزيوني. وقد كان بعض المراقبين يتوقع وقوع أعمال عنف تتزامن مع الانتخابات، لكن ذلك لم يحدث، وهو أمر مفرح. كما شهدت الانتخابات الكويتية دخول مراقبين محليين ودوليين للمرة الأولى منذ الحياة الدستورية قبل نصف قرن من الزمان، وهو الذي يسجل لخانة النزاهة مهما سجل من مخالفات، أو مهما قدم من طعون في بعض النتائج. جاءت نتائج الانتخابات الكويتية بانتصار كاسح للتيار الديني بشقيه السُني والشيعي، حيث وصل من التيار الديني ما مجموعه 29 نائباً من مجموع الأعضاء الخمسين المكون منهم المجلس، وجاء الباقي موزعين ما بين تيار المعارضة الأقوى- كتلة العمل الشعبي- ومستقلين معارضين وقبليين، ونائبين يمثلون كتلة التجار، وقد غاب التيار المدني بشكل كامل، عدا عن نائب واحد (عبدالرحمن العنجري)، فاز بسبب معارضته للفساد ومخالفته لقوى الاحتكار، وليس لمدنيته وتنظيمه السياسي، وبسبب صلابته بالوقوف في صف المعارضة رغم تحديه لتياره. وقد غابت المرأة للمرة الأولى، بعد أن وصلت للمرة الأولى، ولمرة واحدة في الانتخابات الماضية، وكان غيابهن بسبب ضعف أدائهن وارتمائهن المطلق في حضن الحكومة وتصديهن للمعارضة دفاعاً عن رئيسها السابق. غالبية من وصلوا إلى البرلمان الكويتي كانوا ممن علت أصواتهم -نواباً ومرشحين ونشطاء سياسيين- معارضين للحكومة السابقة ورئيسها الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، فلقد خسر من سموا نواب الرئيس خسارة شنيعة، واختفى من المجلس بشكل شبة كامل النواب "القبيضة"، الذي أحيلوا للنيابة بسبب تضخم حساباتهم البنكية بملايين الدولارات، والذين كانوا سبباً في انتفاضة "الربيع الكويتي"، التي قادت إلى استقالة الحكومة، وحل البرلمان، والدعوة لانتخابات جديدة أطاحت معظم من والوا الحكومة السابقة، وجاءت بمن عارضوها وإن لم يكن بعضهم يمتلك برنامجاً واضحاً، ولم تكن فرصهم للفوز قوية لولا علو أصواتهم في معارضة الحكومة والفساد. ليس المقصود بالخشونة في عنوان هذه المقالة خلو مجلس الأمة الكويتي –البرلمان- الجديد الذي تم انتخابه الخميس الماضي من النساء، أي أن المقصود ليس بأن المجلس مكون من "الجنس الخشن" وخلوه من "الجنس الناعم" كما تسمي لغة الموضة الرجال والنساء على التوالي، لكن المقصود أن المجلس القادم سيشهد خشونة برلمانية، ولغة لن تخلو من التراشق الطائفي، بل وحتى الشتيمة والسباب، فلقد وصل للمجلس الجديد بعض الأعضاء الموتورين من الطائفيين الذين أوصلهم عداؤهم المعلن للطائفة الأخرى- سنة كانوا أو شيعة، وهو أخطر ظواهر النتائج في الانتخابات الكويتية، حيث تعيش المنطقة حالة من الاستقطاب الطائفي، والاصطفاف العرقي الذي تلعب إيران فيه دوراً غير خاف على متابع أو مراقب. كما وصل للمجلس نائبان مثيران للفتنة، اشتهرا باللعن والطعن في ولاء القبائل، وحازا الأصوات الموالية للحكومة، وأصوات المتطرفين من الشيعة نكاية بمن يشكك بولاء الشيعة بالمنطقة، أي أن التصويت لهما كان تصويت "انتقام" وليس تصويت احترام، وهو ما ينذر بمواجهات برلمانية لا يعرف مداها ونتائجها. نتائج الانتخابات الماضية بالكويت بأغلبية معارضة، كانت احتجاجاً على الفساد، وبأغلبية دينية كانت انعكاساً لنتائج انتخابات الوضع الإقليمي ولضعف وتشتت التيار المدني الكويتي، وتورطه في مشاريع الفساد. خلت العملية الانتخابية من أية "خشونة"، فهل ينعكس ذلك على أداء النواب؟ هذا ما يتمناه كل محب للكويت!