"أوتار براديش" لديها 80 عضواً في البرلمان الهندي، وهو أكبر تمثيل من أي ولاية في الاتحاد الهندي. وستكون نتيجة الانتخابات التشريعية هناك مهمةً للسياسة الوطنية بشكل عام د.ذِكْرُ الرحمن تعتبر "أوتار براديش" أكبر ولاية في الهند، ومن المقرر أن تشهد هذا الشهر انتخاب جمعيتها التشريعية. في هذا الإطار، أصبحت هذه الولاية، التي توصف أيضاً بأنها قلب الهند النابض، الساحة السياسية المركزية للبلاد خلال الشهر الماضي، حيث تحولت إلى وجهة للزعماء السياسيين من الأحزاب الوطنية، مثل حزب "المؤتمر" وحزب "بهارتيا جاناتا" اليميني، إلى الأحزاب المحلية مثل حزب "ساماج وادي" وحزب "باهوجان ساماج"، الذي يصف نفسه بممثل الطبقات الدنيا، وذلك من أجل خوض الحملة الانتخابية. وفي الأثناء، تزداد الساحة الانتخابية سخونة مع اقتراب موعد الانتخابات، حيث يحاول كل حزب تسجيل نقاط في ما تمثل ربما أهم ولاية في البلاد من الناحية السياسية. "أوتار براديش" ترسل أيضاً 80 عضواً إلى البرلمان الهندي، وهو أكبر تمثيل من أي ولاية في الاتحاد الهندي. وستكون نتيجة الانتخابات التشريعية هناك مهمةً ليس بالنسبة للولاية فحسب، وإنما سيكون لها تأثير أيضاً على النظام الفيدرالي الهندي والسياسة الوطنية بشكل عام، نظراً لأن الحياة السياسية في الهند تقوم على الائتلافات. فعلى المستوى الوطني، لم يسبق لحزب واحد أن فاز بأغلبية مطلقة؛ ولذلك، فإن كل حكومة في الوسط كانت خلال العقدين الماضيين تتألف من أحزاب وطنية ومحلية. والأحزاب المحلية من ولاية "أوتار براديش" لطالما فرضت نفسها وجعلت وجودها محسوساً في نيودلهي. وعليه، يمكن القول إن نتيجة انتخابات "أوتار براديش" ستحدد شكل العملية السياسية على المستوى الفيدرالي أيضاً. وإذا حقق حزب "المؤتمر" نتائج جيدة في هذه الانتخابات، فإنه سيضمن لنفسه مزيداً من الاستقرار وستكون لديه فرصة لتحسين حظوظه المتضائلة في الوسط. فضيحة رخصة الهاتف النقال التي بلغت مليارات الدولارات، وفضيحة ألعاب الكومنولث، والتباطؤ الاقتصادي وغياب الإصلاحات. كلها أمور دفعت الحكومة إلى حالة شلل في السياسات. وعلى الرغم من أن ثمة مؤشرات اليوم على أن رئيس الوزراء مانموهان سينج يحاول الدفع بالإصلاحات، فإن من شأن أداء جيد في أوتار براديتش أن يمنح الحكومة التي يقودها حزب "المؤتمر" جرعة من الثقة ماأحوجها إليها. كل المؤشرات تشير إلى أن الحزب يمكن أن يتحالف مع حزب "ساماج وادي" المحلي، الذي يعد أحد الأحزاب الرئيسية في السباق بولاية "أوتار براديش". غير أن تحالفاً مع حزب "ساماج وادي" سيعني أن حزب "المؤتمر" سيعتمد بشكل أقل على حلفاء حاليين مثل حزب "تيرينا مول"، الذي تقوده السيدة "مامتا بينارجي" الزئبقية، التي نسفت العديد من المبادرات الحكومية التي تروم الإصلاح مثل جلب استثمارات أجنبية بأسواق البيع بالتجزئة إلى الهند. ولكن تحقيق نتيجة جيدة في "أوتار براديتش" يعني قوة أكبر على المستوى الفيدرالي بالنسبة لحزب "المؤتمر". المعركة في "أوتار براديش" تجمع في الواقع بين حزبين محليين: حزب "ساماج وادي" الذي يقوده مولايام سينغ ياداف، وحزب "باهوجان ساماج" الذي تقوده مايافاتي، التي تلقب بملكة "الداليت" الذين كانوا يُعرفون ذات يوم بالمنبوذين في الهند. وفي الأثناء، يحاول حزب المؤتمر إعادة إحياء حظوظه السياسية في حين يبدو الحزب الرئيسي في المعارضة، "بهارتيا جاناتا"، لاعباً ثانوياً ويُتوقع أن يحصل على عدد صغير من المقاعد في انتخابات الجمعية التشريعية للولاية. أما إذا لم يحصل حزب "باهوجان ساماج" على عدد كاف لتشكيل حكومة في "أوتار براديش"، فإن ذلك قد يعني إمكانية تحالف "ملكة الداليت" مايافاتي مع حزب "بهارتيا جاناتا" اليميني. غير أنه في الوقت الراهن، وبينما تجرى الحسابات السياسية، ويتأمل المحللون السياسيون السيناريوهات السياسية المختلفة، تنخرط الأحزاب السياسية بقوة في الحملة الانتخابية هناك. وفي هذا السياق، قام القيادي الشاب في حزب "المؤتمر"، "راهول غاندي"، الذي ينحدر من خط نسب طويل من رؤساء الوزراء، برمي بكامل ثقله في الحملة الانتخابية بهذه الولاية المهمة، حيث أمضى "راهول غاندي"، الذي ينظر إليه الكثيرون باعتباره رئيس الوزراء المقبل للهند، الأشهر القليلة الماضية في خوض الحملة الانتخابية وقام بزيارة كل دائرة من دوائر هذه الولاية. وهذا أمر غير مسبوق بالنسبة لزعيم مثل "راهول" الذي يُعتبر في الواقع شخصية سياسية على المستوى الوطني. ومن إحدى النواحي، يمكن القول إن "راهول" راهن بحظوظه السياسية على انتخابات أوتار براديش، وهي مجازفة يمكن أن تصيب ويمكن أن تخيب. وللتذكير، فإن "أوتار براديش" تمثل مركز عائلة غاندي- نهرو، التي تعد أقوى عائلة في البلاد، وتتألف من رؤساء الوزراء السابقين "جواهر لال نهرو"، و"إنديرا غاندي"، و"راجيف غاندي"، وأقوى سياسية في الهند اليوم، سونيا غاندي، التي تشغل منصب رئيسة حزب "المؤتمر". هناك ما مجموعُه 170 مقعداً في الجمعية التشريعية. وفي الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 2007، فاز حزب المؤتمر بـ25 مقعداً فقط. ومن شأن أداء جيد لحزب "المؤتمر" في هذه الانتخابات – أربعين مقعداً أو أكثر – أن يحسم نهائياً بشأن المؤهلات السياسية لراهول غاندي ويوصله إلى الساحة السياسية المركزية. أما في حال حقق حزب "المؤتمر" نتائج دون المستوى، فإن العلامة التجارية لاسم "راهول غاندي" ستتضرر. ورغم أن ذلك قد لا يعني نهاية الحظوظ السياسية لسليل عائلة غاندي- نهرو، فإنه سيصوَّر على أنه فشل لحزب "المؤتمر". ومن جهة أخرى، تعتبر هذه الانتخابات بالغة الأهمية بالنسبة للحاكمة الحالية لولاية أوتار براديش، مايافاتي. وحتى الآن، عرفت هذه الأخيرة كيف تستغل سياسة الطبقات لمصلحتها. وهي تطمح إلى أن تصبح رئيس للوزراء في الهند يوما ما، وأعلنت ذلك صراحة في تجمعات حزبها الانتخابية. وعلى الرغم من أن المعركة الحالية هي بين الأحزاب المحلية، فإن التنافس المحتدم هو بين راهول غاندي ومايافاتي.