هذه لحظة للتأمل والتدبر بشأن الحراك العربي بالنسبة للكثير منا. فبعد مرور عام على العمل الاحتجاجي المأساوي الذي أقدم عليه محمد البوعزيزي، رأينا للتو انتخابات تشريعية في مصر، وانفتاح ليبيا على العالم، وتزعم جامعة الدول العربية للجهود الرامية إلى وضع حد لأعمال العنف في سوريا. لقد كانت 2011 حقاً سنة عاصفة حبلى بالأحداث والتطورات عبَّر فيها الناس عبر المنطقة عن توقهم إلى الفرص والوظائف والآفاق الرحبة، ورفضهم للقمع العنيف للمطالب المشروعة. وبالنظر إلى أن خمسة وستين في المئة من السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقل أعمارهم عن 30 سنة، فإن الشباب بشكل خاص يرغبون في أن يتم الاستماع إليهم ويدعون إلى أنظمة ومجتمعات يؤمنون بها. الاستقرار طويل المدى في أي منطقة من العالم يتوقف على رضا المواطن ومشاركته. وأعتقد اعتقاداً راسخاً أنه يتعين علينا أن نغتنم كل الفرص المتاحة من أجل تعزيز المساواة والرخاء في المنطقة، وأنه لا محيد عن تلبية تطلعات الناس المشروعة. غير أن هذه ليست العوامل الوحيدة في هذه المنطقة، ذلك أن شرقاً أوسط أكثر استقراراً في المستقبل يحتاج إلى نموذج مختلف بالنسبة لفلسطين، وبالنسبة لإيران من أجل صرفها عن المسار الحالي الذي تسير فيه. ولكن لا شيء من هذا سيحدث بين عشية وضحاها. وبينما أنظر إلى بلدان أخرى في هذه المنطقة وعبر العالم، أرى في دولة الإمارات العربية المتحدة بعضاً من أفضل الفرص والخدمات الموفرة لمواطنيها. ويكفي النظر هنا إلى جودة السكن، والتعليم، والصحة، والعمل. كما أن دولة الإمارات تأخذ حقوق النساء على محمل الجد، حيث تشكل النساء 75 في المئة من مجموع طلبة الجامعات ويواصلن تعليمهمن إلى مستويات عليا بنسبة أعلى مقارنة مع نظرائهن الذكور. في دولة الإمارات العربية المتحدة التي أسسها الشيخ زايد طيب الله ثراه، تُعد رؤية المؤسس بمثابة البوصلة التي على أساسها يتم اتخاذ القرارات إلى هذا اليوم. وتقوم هذه الرؤية على قيم منها إشراك المجتمع في عملية اتخاذ القرارات من خلال المجالس وغيرها من المنتديات التقليدية الأخرى. غير أن هذه الرؤية تتبنى أيضاً وسائل جديدة - سواء توسيع الهيئة الناخبة للمجلس الوطني الاتحادي أو انخراط المواطنين في النقاش على "تويتر". إنني فخور بكون المملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة تأخذان تطلعات شعبيهما على محمل الجد. كما أننا نعيش ظرفاً يتسم باضطراب اقتصادي عالمي، ولكنني واثق بشأن نوايانا. وأعتقد أن موقفنا المشترك هذا من المسؤولية تجاه المواطنين كان أحد العوامل التي مكَّنتنا من الاتفاق بشأن مساعدة الشعب الليبي على التقدم نحو الحرية، وعلى تقاسم الرؤية نفسها حول اليمن، وبالطبع حول العمل معاً من أجل إنهاء الوضع الصادم الذي يواجهه المواطنون السوريون اليوم. وخلاصة القول إن لدينا شراكة جيدة، ونحن نحتاجها - لأن التحديات التي نواجهها معاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما وراءها كبيرة جداً. دومينيك جيرمي سفير المملكة المتحدة في الإمارات العربية المتحدة.