تشهد إمارة أبوظبي نهضة سياحية واعدة تؤهلها لتبوّؤ مرتبة متقدمة على قائمة برامج السفر العالمية، هذا ما تؤكده المؤشرات المهمّة التي تضمنها تقرير "هيئة أبوظبي للسياحة" عن العام الماضي، والذي أشار إلى أن قطاع السياحة حقّق معدلات نمو ملحوظة تتراوح بين 10 و17 في المئة في عدد نزلاء الفنادق خلال أشهر السنة، الأمر الذي يعني أنه يمضي قدماً نحو تجاوز أهدافه المحددة للعام، والرامية إلى استقبال مليوني نزيل فندقي. ما تشهده أبوظبي من نهضة سياحية كبيرة يرجع في الأساس إلى مقومات رئيسية عدّة، أولها البنى التحتية الحديثة المتطورة، وشبكات الطرق والاتصالات وغيرها من تسهيلات ومزايا تحرص الجهات المعنية على توفيرها لخدمة هذا القطاع، بما يؤهّله لاستيعاب عدد أكبر من السياح، ناهيك بالمشروعات السياحية العملاقة التي تشهدها الإمارة، ويتوقّع أن تضاعف من نمو هذا القطاع في السنوات المقبلة، كالمشروعات السياحية في "جزيرة السعديات" التي تحتضن مرافق عدّة للرياضة والاستجمام، ويجري العمل فيها على قدم وساق لتكون العنوان الأبرز في المنطقة لمجمع المتاحف الدوليّة، و"جزيرة ياس" ومنطقة شاطئ الراحة، وما تضمّه من مشروعات سياحية وترفيهية عالمية، وغيرها الكثير من المشروعات الكبرى التي يجرى العمل فيها الآن، والتي يتوقّع بحسب "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" في "غرفة تجارة وصناعة أبوظبي" أن يصل حجمها إلى 230 مليار درهم في العام المقبل. ثانيها نجاح أبوظبي في استضافة العديد من الفعاليات الكبرى، التي أصبحت تتصدّر عناوين الصحف العربية والأجنبية، التي تسهم بدورها في الترويج السياحي للإمارة كبطولة "فورمولا-1" للسيارات، إضافة إلى استضافتها عشرات المعارض العالمية والإقليمية التي حققت نجاحات عالميّة، واستقطبت من خلالها آلاف المشاركين، وعشرات الآلاف من رجال الأعمال والزوار والسياح، ما كان له الأثر الإيجابيّ في قطاع السياحة في أبوظبي، وارتفاع نسبة إشغال فنادق الإمارة بصورة ملحوظة خلال العام الماضي. ثالث هذه المقومات، ما تتمتع به الإمارة من مقوّمات مناخية وطبيعية جاذبة للسياح، ففي معظم شهور السنة هناك جاذبية سياحية متجدّدة، تتماشى مع شريحة عريضة، يمكن تسميتها "الطلب السياحيّ الجديد" حيث يبحث قطاع كبير من سياح النخبة عن أشكال جديدة من السياحة، واستكشاف مناطق سياحية واعدة، كسياحة السفاري، وتسلّق الكثبان الرملية، وهذه الأنواع متوافرة في صحراء ليوا التي تتمتع بجاذبية فريدة. رابع المقوّمات، ما تتمتع به أبوظبي من أمن وأمان، فقد تصدرت مدن الشرق الأوسط، من حيث السلامة الشخصية، الاستطلاع الذي أعدّته شركة "ميرسر" الشهر الماضي بشأن جودة مستويات المعيشة، استناداً إلى مستويات الاستقرار الداخلي ومعدلات الجريمة، وهو الأمر الذي يعكس بوضوح ما تتمتّع به من أمن واستقرار، وهذا ما يجعلها بيئة مثالية للسياحة، تجذب الملايين إليها من جنسيات العالم المختلفة. هذه المقوّمات السياحية الفريدة والمتنوعة في أبوظبي تؤهل قطاع السياحة لمزيد من النمو في غضون السنوات المقبلة، خاصة مع الجهود الترويجيّة الكبيرة التي تقوم بها "هيئة أبوظبي للسياحة"، وسعيها إلى فتح أسواق جديدة. هذا كلّه يؤكد بوضوح أن قطاع السياحة بات مصدراً أساسياً في مكوّنات الناتج المحلي لأبوظبي ودولة الإمارات بوجه عام، ودخل بقوّة على خط التنافس مع القطاعات الأخرى في دعم الاقتصاد الوطني. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.