في مقاله الأخير قارن الدكتور حسن حنفي "التحرير والعباسية"، وبطريقة بالغة الدلالة على عمق الانقسام الذي يخترق الحالة المصرية في الوقت الراهن، لاسيما بين الثورة والثورة المضادة، بين ميدان التحرير كرمز للثورة وميدان العباسية كرمز للمجلس العسكري باعتباره امتداداً للنظام السابق. ويعتبر الكاتب أن ميدان التحرير سيظل القلب النابض لمصر مهما اعترى دورته الدموية من فتور. لكن يبقى الاختلاف الرئيسي بين الكاتب وغيره هو نوعية وكمية الدماء المطلوب ضخها من الميدان، وما إذا كانت عملية الضخ ستظل حكراً على الميدان وحده، حتى بعد قيام وتشكل مؤسسات النظام الديمقراطي. أعتقد أن المشكلة الآن هي الخلاف بين من يريدون لمصر أن تظل في أجواء الثورة ومناخاتها العاصفة، ومن يطمحون للانتقال بها نحو مرحلة الدولة الديمقراطية بما لها من مؤسسات عقلانية، مستقرة وناضجة. وبرمزيته الفائقة، وكونه أصبح أيقونة الثورات الديمقراطية في العالم، فإن ميدان التحرير بتلك الرمزية لا يتعارض مطلقاً مع الانتقال إلى نظام المؤسسات الديمقراطية، فالثورة إنما تفجرت من أجل ذلك الهدف، أي لإقامة دولة العدالة وإحقاق الديمقراطية الحقة. عبده حكيم -القاهرة